للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمبراطورية الرومانية، وإحاطة الحرمان بها، ولنتذكر حالة معاصرة وهي حالة العرب والمسلمين الآن وإحاطة القوى اليهودية والصليبية والشيوعية والهندوسية بهم).

ومن السمات المميزة لهذه الحالة أيضا ظهور فجوة كبيرة بين الطبقات، ففي ظل الترف تظهر طبقة تصل إلى تكديس معظم الثروة، ويبدو الفرق شاسعا بينها وبين سائر المجتمع، وتظهر طبقة قادرة على أن تعيش بلا عمل طول حياتها، لأن تكديس الثروة ينتهي إلى أن هناك أجيالا من أبناء أو أتباع المترفين تكون قادرة - ومقبلة - على الحياة المترفة دون جهد لعشرات السنين أو لأكثر من ذلك.

ومثل هذه الثروة لا يمكن أن تمتلك بالعمل، بل تكون لها طرق من الحيل الشرعية المبغوضة أو غير الشرعية، وهي تجنح إلى الاكتناز أو التكديس (وأكل الأموال بالباطل) على غرار ما كان يفعله الأحبار والرهبان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (١).

ومن خصائص هذه المرحلة ذهاب روح الإخلاص والصدق، وفقدان قوة الإرادة واستسهال الطريق السريعة الوصول، صحيحة كانت أو غير صحيحة، ومع ذهاب الإخلاص والإرادة يغلب الشكل على المضمون، ويصبح المجتمع مهتما بالنواحي الشكلية على حساب الجوانب الحقيقية، وحتى التدين يصبح شكلا ومظهرا أكثر منه حقيقة ومخبرا، بل يصبح وسيلة لكسب الدنيا وليس لإصلاحها، وتظهر النواحي الطائفية (٢)، ولا تصبح العقيدة والعمل النافع هما ميزان الخير


(١) سورة التوبة الآية ٣٤
(٢) سنن الله في التقدم والتخلف، محمد تقي الأميني (بالأوردية)