وقد ضايقهم ذلك وعطل مصالحهم فراجعوه، فقال: لا بد من إصلاح أمركم بأن يعقد لكم مجلس فتباعوا فيه، ويرد ثمنكم إلى بيت مال المسلمين، ثم يحصل عتقكم بطريق شرعي فينفذ تصرفكم، فلما سمعوا هذا الحكم ازدادوا غيظا وقالوا: كيف يبيعنا هذا الشيخ ونحن ملوك الأرض، ورفعوا الأمر للملك فغضب، وقال: هذا ليس من اختصاص الشيخ، وليس له شأن به فلما علم العز بذلك عزل نفسه عن القضاء وقرر الرحيل من مصر إلى الشام، فتبعه العلماء والصلحاء والتجار والنساء والصبيان، وجاء من همس في أذن الملك قائلا " متى راح الشيخ ذهب ملكك "، فخرج الملك مسرعا ولحق بالعز وأدركه في الطريق وترضاه، وطلب منه أن يعود وينفذ حكم الله. فرجع العز ونفذ شرع الله بأن باع أمراء المماليك ورد ثمنهم إلى بيت مال المسلمين. فهذا الموقف العظيم قد خلد ذكره وأقام منار الحق، وأخضع الملك والأمراء المتكبرين على الشعب لحكم الله، وحقق المساواة بين الحاكم والمحكوم أمام شرع الله. وقد اعتزل العز القضاء سنة (٦٤٠هـ) وتفرغ للإفتاء والتدريس والتأليف. وقد تخرج عليه طلاب كثيرون. منهم شيخ الإسلام ابن دقيق العيد مجدد القرن الثامن، فقد تأثر به في عمله وسلوكه. وهو الذي لقبه "بسلطان العلماء ". ومنهم جلال الدين الدشناوي، وكان زاهدا ورعا وقد انتهت إليه رئاسة المذهب الشافعي بقوص إحدى مدن صعيد مصر. ومنهم أبو شامة المقدسي المؤرخ الكبير الجامع بين فنون العلم، فقد لازم العز كثيرا وسافر معه وسجل كثيرا من أخباره.
شخصيته العلمية:
نبغ العز في علوم متعددة فترك فيها مؤلفات كثيرة غالبها رسائل