للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر العز في معنى البدن ثلاثة أقوال الأول نسبه للجمهور، والثاني لم ينسبه.

وقد نسبه الماوردي إلى جابر وعطاء (١) والثالث نسبه العز إلى ابن شجرة وحكم عليه الماوردي بالشذوذ، ولو رجعنا إلى تفسير القرطبي لوجدناه قد فصل القول في هذه المسألة وذكر فيها رأي أئمة المذاهب، فنقل عن الشافعي أنه قال بالقول الأول، وعن مالك وأبي حنيفة أنهما قالا بالقول الثاني، وذكر أدلة كل مذهب وثمرة الخلاف في ذلك، ورجح قول الشافعي لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في يوم الجمعة: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة (٢)» الحديث. فتفريقه عليه السلام بين البقرة والبدنة يدل على أن البقرة لا يقال عليها: بدنة، والله أعلم، وأيضا قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} (٣) يدل على ذلك، فإن الوصف خاص بالإبل. والبقر يضجع ويذبح كالغنم، على ما يأتي (٤).

وذكر العز الخلاف في حكم الأمر في قوله: {فَكُلُوا مِنْهَا} (٥) فأورد فيه قولين للعلماء، نسب الثاني منهما إلى الجمهور، بينما نجد القرطبي في تفسيره يفصل القول في هذه المسألة فينقل عن الشافعي أن الأكل مستحب، والإطعام واجب، فإن أطعم جميعها أجزاه، وإن أكل جميعها لم يجزه، وهذا فيما كان تطوعا، فأما واجبات الدماء فلا يجوز أن يأكل منها شيئا حسبما تقدم بيانه (٦).


(١) راجع: تفسيره (٣/ ٨١)
(٢) صحيح البخاري الجمعة (٨٨١)، صحيح مسلم الجمعة (٨٥٠)، سنن الترمذي الجمعة (٤٩٩)، سنن النسائي الجمعة (١٣٨٨)، سنن أبو داود الطهارة (٣٥١)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٩٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٦٠)، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٢٧)، سنن الدارمي الصلاة (١٥٤٣).
(٣) سورة الحج الآية ٣٦
(٤) راجع: تفسيره (١٢/ ٦١)
(٥) سورة الحج الآية ٣٦
(٦) راجع: تفسيره (١٢/ ٦٤).