لاحظنا عند رسم خريطة العالم، وتوقيع خطوط الاتجاهات المتساوية للصلاة عليها، أن هذه الخطوط تتجمع عند ثلاثة أماكن. أولها مكة المكرمة، وهذا التجمع طبيعي؛ لأن اتجاه الصلاة دائما نحوها. وأما التجمعان الآخران فهما عند القطبين الأرضيين. وإذا باعدنا بين هذه الخطوط في رسم خريطة العالم، فإنه بالتبعية يحدث ابتعاد بين خطوط الاتجاهات المتساوية للصلاة في هذين المكانين. وعلى ذلك استعملنا الإسقاط المتعامد لخطوط الطول والعرض الأرضية، بدلا من الإسقاط السابق بيانه، وهو المرسوم في الصحيفة رقم (٣١٣).
وفي حالة الإسقاط المتعامد، وهو الإسقاط الأسطواني، نجد أن جميع خطوط العرض تتوازى مع بعضها البعض، وكذلك جميع خطوط الطول، وأن كلا منهما يكون عموديا على الآخر وهذا الإسقاط على نوعين:
أ- الإسقاط المتساوي.
ب- إسقاط مركيتور.
ففي الإسقاط الأول نجد أن المسافات بين خطوط العرض تساوي نظائرها على سطح الأرض، وأما المسافات بين خطوط الطول فهي تساوي المسافات التي بينها عند خط الاستواء الأرضي. وهذا الإسقاط لا يحتفظ بمقياس رسم صحيح بين الطول والعرض، سوى عند خط الاستواء فقط، ولكنه شائع الاستعمال في الأطالس الجغرافية.
وأما في الإسقاط الثاني فإنه يتم المحافظة على مقياس الرسم عند تقاطعات خطوط الطول والعرض، وبذلك يكون التشابه قريبا من الصحة في الأماكن المحدودة، ولو أن الخريطة جميعها لها مقاييس رسم مختلفة عن بعضها.
ونلاحظ عند توقيع خطوط الاتجاهات المتساوية للصلاة على هذين الإسقاطين، أن هذه الخطوط تتجمع عند مكة المكرمة، ولكنها تفترق عند المنطقة القطبية الشمالية والجنوبية، وأما التجمع الحادث عند طرف الخريطة، فهو تجمع هذه الخطوط عند جزيرة (موروروا) من مجموعة جزر بولنيزيا، وهي النقطة المقابلة لمكة المكرمة في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية، ولقد سبق ذكرها في هذا البحث. وهذا التجمع لا يعنينا؛ لأن هذه المنطقة في وسط المحيط الهادي وبعيدة عن القارات الأرضية المعمورة بالسكان.
وفي الصحيفة رقم (٣٢٣) نجد الإسقاط الأول المتساوي بدون رسم خطوط الاتجاهات المتساوية للصلاة عليه، ولكننا بدلا من ذلك كتبنا عليه مقادير انحرافات القبلة عند كل تقاطع بين خطوط الطول والعرض. وهذا الرسم يصلح استعماله لذوي الدراية، ممن يعرفون خطوط الطول والعرض المارة ببلادهم، فيقرءون اتجاه القبلة من هذا الرسم مباشرة، أو بعد عملية تناسب رياضية بسيطة.