أصلا لا يجوز العدول عنه إلا بدليل شرعي يقتضي الاستثناء منه الخروج عنه. ولم يثبت نص شرعي قولا أو فعلا أو تقريرا يبيح نقل عين أو قرنيتها أو عضو آخر من إنسان إلى غيره، أو يعطي الحق لإنسان أن يسمح بنقل ذلك منه إلى أخيه المسلم في حالة اختيار أو اضطرار، وغاية ما يرجع إليه الباحث في معرفة الحكم في ذلك مقاصد الشريعة العامة وقواعدها الكلية والقياس على النظائر.
أما القاعدة الكلية فهي ما تقدم في مبحث التشريح ونقل القرنية من أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما تحقيقا لزيادة المنفعة، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما، ومسألتنا داخلة في هذه القاعدة على كل حال؛ فإن مصلحة كل من الحي السليم والميت مسلما كان أم ذميا قد تعارضت مع مصلحة إنقاذ من أصيب في عضو من أعضائه مما أصابه وتيسير طريق انتفاعه وانتفاع الأمة به في نطاق أوسع علما وعملا في ميدان الحياة، وقد حث الشرع على تخليص النفوس من الأمراض وعلى التداوي مما أصابها، ولا شك أن في هذا مصلحة للمصاب أولا وجبرا لنقصه، ومصلحة الأمة ثانيا وسيرا مع ما قضت به سنة الله شرعا وقدرا، وإذا تعارضت مصلحتان نظر أيتهما أرجح ليبنى الحكم عليها منعا أو إباحة. وقد يقال بالنسبة لنقل عضو صحيح من حي أن مصلحة الحي الذي يراد نقل العضو منه أرجح؛ لأنه متيقن صلاحه والانتفاع به إذا أبقي في محله بشهادة الواقع ومشكوك أو مظنون صلاحه، والانتفاع به إذا نقل من إنسان لآخر.
وقد يصاب من أخذ منه العضو بخطر؛ لأن نجاح العملية في أخذه من الصحيح ونجاح زرعها في المصاب موقوف حسب الأسباب العادية على مهارة الطبيب في هذا الفن وملاءمة العضو لمن زرع فيه وخاضع لطول الفترة وقصرها بين أخذ العضو