وزرعه ولظروف من أجريت فيه العملية الجراحية وأحواله من حدوث مضاعفات وعدم حدوثها إلى غير هذا من الطوارئ التي قد تعرض لمن أخذ منه العضو أو من زرع فيه، فكان بقاؤه في مكانه أرجح وأضمن في تحقيق المصلحة والانتفاع به من زرعه من إنسان آخر. أما بالنسبة لعلم الله العواقب، وما جرى به قلمه سبحانه في كتابه، وبالنسبة لنفاذ مشيئته وعظيم قدرته فكل ذلك قريب، لا راجح ولا مرجوح، ولكن ذلك غيب، فلا تبنى على مثله الأحكام، إنما تبنى على ما جعله الله من الأسباب العادية مؤثرا في مسببه بقدرته سبحانه لا استقلالا منها بذلك. وأما بالنسبة لأخذ عضو من ميت سواء كان مسلما أم ذميا وسواء كان العضو عينا أم كلية أم نحوهما لزرعه في جسم مسلم حي إبقاء على حياته أو رغبة في نفعه وانتفاع الأمة به، فقد يقال: إنه جائز أو واجب إذا رجي نجاح عملية زرعه في الحي ولم تخش فتنة ولا حدوث خطر من جانب أهل الميت الذي يراد أخذ العضو منه إيثارا لحق الحي على الميت وإبقاء لحياة شخص أو تحقيقا لمنفعة عضو دون أن يترتب على ذلك فوات نفس أو منفعة لذلك العضو بالنسبة لمن أخذ منه، وليس ببعيد في النظر الاجتهادي أن تكون هذه المصلحة أرجح من مصلحة المحافظة على حرمة الميت، وأن تكون رعايتها في الحكم وبناؤه عليها أقوى وأولى.
أما قياس نقل عضو من إنسان حي تتوقف عليه حياته إلى إنسان آخر على الإيثار بماء مضطر إليه، فسيأتي الكلام عليه في القسم الثاني من البحث - إن شاء الله.
ثانيا: إذا قيل بجواز إيثار الإنسان لأخيه المسلم بما تتوقف عليه حياته مثل القليل من الماء، فهل يقاس عليه الإيثار بنقل ما تتوقف عليه