للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ١٨٧٩م لعب افتتاح قناة السويس دورا هاما في هجرة أبناء اليمن إلى أمريكا. وعلى أثر ثورة عرابي في مصر سنة ١٨٨٢ أصبح السوريون يهاجرون إلى أمريكا بدلا من مصر، وقد شهدت هذه السنة أكبر هجرة من سوريا إلى أمريكا. وفي مقابلة مع أحد المغربيين، قال معللا سبب كثرة أبناء بلده في أمريكا: " إن الرسائل التي كان يرسلها المغربيون قبلنا إلى ذويهم وأصدقائهم كلها إغراء وتشجيع على الحضور إلى هذا البلد، فالحياة الرغيدة والمنازل المريحة، والسيارات الفارهة والحرية التي لا حدود لها، كل ذلك وكثير غيره كانت تطفح به رسائل هؤلاء إلينا، ولم يحدث أن ذكر أي منهم أية مشقات أو متاعب صادفها هنا، ولذلك وقع الآلاف ضحايا تلك الإشاعات والمبالغات، وجاءوا بدورهم ليضلوا غيرهم. أما أنا فقد قابلت أحد الأقارب العائدين من المهجر، والذي عاد زاهي اللون، يدخن غليونا، ويلبس ربطة عنق عريضة، ويحدث عن الآلاف من الدولارات التي يجمعونها. فما كان مني إلا أن سألته: ولكن كيف تجمعون تلك الآلاف؟ فرد على الفور قائلا: مسألة بسيطة. هناك آلة لصنع الدولارات، وما عليك إلا أن تضغط على أحد أزرارها لتبدأ في طرح الدولارات أمامك، وإذا أردت جمع الدولارات ساخنة فما عليك إلا أن تضغط على زر لتوقف طبع الدولارات وتباشر جمع ما طبع. وأسرعت بالحضور حتى لا تفوتني الفرصة أكثر. ولسوء الحظ فقد بذلت من الجهد في مصانع السيارات ما إن لو بذلته في بلدي لعشت أفضل حياة (١).

وتشير الإحصائيات إلى تزايد عدد المسلمين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في حوالي سنة ١٩٠٠م. ولقد حدثت الهجرات الكبرى إلى أمريكا على عدة موجات من سنة ١٨٧٥ - ١٩١٢ ومن سنة ١٩١٨ - ١٩٢٢ عندما جاء المسلمون اللبنانيون للعمل في مصانع فورد في دير بون. ومن سنة ١٩٣٠ - ١٩٣٨، ١٩٤٧ - ١٩٦٠ ثم من سنة ١٩٦٧ حتى الوقت الحاضر (٢).


(١). mehdi p. ٤.
(٢) منير المهاجر - بروكلين - نيويورك. العدد الثاني، ١٩٧٨، ص١٣.