وبالرغم من اشتمال منطقة ديترويت الكبرى على أكبر جالية عربية في الولايات المتحدة، إذ وصل عددهم إلى ما يزيد على مائتي ألف في سنة ١٩٧٦ (١)، إلا أنهم لم يتحركوا لتأسيس مدرسة واحدة مثل مدرسة الأخت كلارا محمد، وإذا ما دعوا إلى مظاهرة ليشقوا عنان السماء بهتافات جوفاء، لا تسمن ولا تغني من جوع هبوا إليها سراعا تاركين أعمالهم، فعندما اندلعت حرب رمضان (سنة ١٩٧٣) دعي إلى مظاهرة عامة شارك فيها من عمال شركة دودج dodge وحدها حوالي ألفين مما أدى إلى تعطيل العمل في هذه الشركة تماما في فترة ما بعد الظهر ويرجع السبب في حماسهم هذا، وتقاعسهم في مجال تربية أبنائهم إلى ضعف الوازع الديني في نفوسهم ولأنهم ما حضروا إلى أمريكا إلا لدنيا يصيبونها، بينما نجد المسلم الأمريكي متحمسا لدينه الجديد فخورا به، مجاهرا بأداء شعائره داعيا الآخرين إليه ما أمكنه ذلك. وبعد أن أصبح يعيش في سعادة الإسلام الغامرة، كره أن يعيش أي من أبنائه في متاهات وضلالات المجتمع الأمريكي القذر، لذلك تجده حريصا أشد الحرص على أن يخلص أبناءه من مدارس هذا المجتمع الموبوء ويلحقهم بالمدارس الإسلامية أينما وجدت، وهذا هو أهم أسباب نجاح الإخوة الأمريكان السود من المسلمين في تشييد المعاهد الإسلامية في كافة أرجاء أمريكا.
وإذا كان جل المدارس الإسلامية التي يداوم فيها الطلاب دواما كاملا أسس على أيدي أمريكيين سود ممن فروا من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، فإن جل المدارس الإسلامية التي يداوم فيها الطلاب نهاية الأسبوع فقط، قد أسس على أيدي المسلمين المهاجرين إلى أمريكا.
وهذه المدارس مفيدة أيضا، فهي أفضل من لا شيء، كما أنها فرصة لالتقاء أبناء المسلمين وتعارفهم ودراستهم للقرآن الكريم واللغة العربية والسيرة النبوية العطرة في ظلال بيوت الله. ذلك أن المسلمين في أمريكا قد دخلوا مرحلة هامة، أصبح فيها من الضروري لهم أن يؤسسوا معاهد
(١) Abraham، The Arab World؛ The Arab Americans، p. ٧٤.