للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوالدين في قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (١)، فلله در شيخ الإسلام، لقد انفعل في هذه الفتوى انفعالا يقتضيه فأقنع وأروى، ولقد أصاب في قوله فيها: إن قليلها كقليل الخمر؛ فإنه حق لأنه قل أن يتعاطى أحد شيئا من هذه المخدرات إلا اعتاده، والقليل يدعو إلى الكثير، ولا بد أن ننتفع بهذه النوعية في رد قول من أباح القليل من علماء المذاهب الأخرى، وسترى في هذا المقام انفعالا آخر للفقيه المحدث ابن حجر الهيثمي، وبالله التوفيق. هذه الفتاوى التي أفتى بها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - صريحة واضحة في حرمة هذه المخدرات حشيشها وغير حشيشها والقليل منها والكثير؛ لأنها كالخمر وإن كان بعضها كالأفيون والبنج طاهرا، أو لا حد فيه وإنما فيه التعزير، وقد جرى اعتبارها والأخذ بها ومسايرة الفقه لها منذ عهد ابن تيمية إلى يومنا هذا، ولقد ورد في موضع من فتاواه التصريح بأن الحشيشة الملعونة كالمسكرة بمنزلة غيرها من المسكرات، والمسكر منها حرام باتفاق العلماء، بل كل ما يزيل العقل فإنه يحرم أكله ولو لم يكن مسكرا (٢).

وجاء الشيخ المصلح محمد بن عبد الوهاب ومن سلك مسلكه - رحمهم الله - فأبرزوا ذلك وأفتوا به، وبالرجوع إلى كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية، رأينا في الجزء السادس ص ٤٥٢ - سؤالا موجها إلى ابنه الشيخ عبد الله بن محمد - رحمهما الله - عن التنابك الذي عمت البلوى به، فأجاب إجابة طويلة يقول فيها بعد الديباجة: إذا تقرر هذا فاعلم أن المسكر الذي يزيل العقل نوعان؛ أحدهما: ما كان فيه لذة وطرب. قال العلماء: وسواء كان المسكر جامدا أو مانعا وسواء كان مطعوما أو مشروبا، وسواء كان من حب أو تمر أو لبن أو غير ذلك، وأدخلوا في ذلك


(١) سورة الإسراء الآية ٢٣
(٢) مجموع الفتاوى ٢٠٤/ ٣٤.