للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن؛ البتع وهو من العسل نبذ حتى يشتد، والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد، قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أوتي جوامع الكلم بخواتيمه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أسكر كثيره فقليله حرام (١)». ولم يفرق -صلى الله عليه وسلم- بين نوع ونوع ككونه مأكولا أو مشروبا على أن الخمر قد تؤكل بالخبز كالحشيشة؛ لأنه يزينها للأنفس الخسيسة فاستحلوها واسترخصوها. انتهى المراد من كلام الذهبي.

ثم قال ابن حجر: إن ما ذكره الذهبي من النجاسة والحد ضعيف. اهـ. ولا يضرنا هذا الاختلاف بعد الاتفاق على أنها محرمة ومن الكبائر، ونسأل الله العافية.

وفي الكلام على الكبيرة شرب الخمر وما يتعلق بها، لم يترك ابن حجر هناك الاستطراد إلى الحشيشة، فنقل عن بعض الصالحين أنه قال: إن الحشيشة المعروفة حرام كالخمر يحد آكلها كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج حتى يصير في متعاطيها تخنث ودياثة عجيبة وغير ذلك من المفاسد فلا يصير له من المروءة شيء البتة وشاهد في أقواله خنوثة الطبع وفساده وانقلابه إلى شر من طبع النساء، ومن الدياثة على زوجته وأهله فضلا من الأجانب ما يقضي العاقل فيه العجب العجاب، وكذا متعاطي نحو البنج والأفيون وغيرهما مما مر، ثم قال ابن حجر وما يقوي القول بأن آكلها يحد أن آكلها ينتشي ويشتهيها كالخمر وأكثر حتى لا يصبر عنها، وهذا يخالف ما قاله في دراسة المخدرات في الجزء الأول وأشرنا إليه فيما سبق.

وفي فتاوى ابن حجر أيضا حكم القات (جـ ٤ ص ٢٢٣) توسع ابن حجر في فتاواه في موضوع القات وتعرض لاختلاف العلماء في حكمه وتضارب أقوالهم في أمره فقال إنهم في الحقيقة متفقون في الرأي، وإنما يختلفون في الطريق التي استند إليها كل في رأيه، وأطال في فلسفة الاستدلال بالعقل أو النقل أو الدليل المركب منهما، ثم قال: إنه سأل بعض الأطباء فقال: إنه يورث مضار عديدة ومنها تصفير الوجه وتقليل شهوة الطعام وتفتير الباه،


(١) صحيح مسلم الأشربة (١٧٣٣).