للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نفسها فامتنعت، حتى ألمت بها سنة من السنين: أي نزل بها حاجة وفقر لشدة القحط، فجاءتني فأعطيتها مائة وعشرين دينارا على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم - أي تطأني - إلا بحقه - أي بالنكاح - فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، فتركت لها الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة (١)».

وكم من آية كريمة، وحديث شريف، وقصة صحيحة، ومثل سائر، وبيت حكيم، في بيان الفرق بين المطيع والعاصي، وبين المتقي والفاسق، ولكن القلوب في هذه العصور كما قال تعالى: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (٢) وكما قال: {وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣).

ومن كلام الحكماء قول الشاعر:

إن الهوى لهو الهوان بعينه ... فإذا هويت فقد لقيت هوانا

وقال آخر: -

وليس الهوى إلا الهوان المرخم

وقال ابن دريد: -

وآفة العقل الهوى فمن علا ... على هواه عقله فقد نجا

وقال أيضا: -

والحمد خير ما اتخذت عدة ... وأنفس الأذخار من بعد التقى

وقال الأخطل:

وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ... ذخرا يكون كصالح الأعمال


(١) متفق عليه.
(٢) سورة البقرة الآية ٧٤
(٣) سورة الأنعام الآية ٤٣