فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت، فتشاور الناس في رجمها، فقال علي رضي الله عنه: هذه مضطرة أرى أن تخلي سبيلها. ففعل ". قال ابن القيم في (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص ٤٨ مطبعة الاتحاد الشرقي) قلت: " والعمل على هذا لو اضطرت المرأة إلى طعام أو شراب عند رجل فمنعها إلا بنفسها وخافت الهلاك فمكنته من نفسها فلا حد عليها ". ثم قال ابن القيم: " فإن قيل: فهل يجوز لها في هذه الحالة أن تمكن من نفسها؟ أم يجب عليها أن تصبر ولو ماتت؟ قلت: هذه حكمها حكم المكرهة على الزنا التي يقال لها: إن مكنت من نفسك وإلا قتلتك، والمكرهة لا حد عليها ولها أن تفتدي من القتل بذلك، ولو صبرت لكان أفضل لها، ولا يجب عليها أن تمكن من نفسها، كما لا يجب على المكره على الكفر أن يتلفظ به، وإن صبر حتى قتل لم يكن آثما، فالمكرهة على الفاحشة أولى.
٢ - ما رواه السعدي، قال: حدثنا هارون بن إسماعيل الخراز، ثنا علي بن المبارك، ثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني حسان بن زاهر أن ابن حدير حدثه عن عمر قال:(لا تقطع اليد في عذق ولا عام سنة). قال السعدي: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: العذق النخلة وعام سنة المجاعة، فقلت لأحمد: تقول به؟ فقال: أي لعمري. قلت: إن سرق في مجاعة لا تقطعه؟ فقال: لا إذا حملته الحاجة على ذلك والناس في مجاعة وشدة. قال: قال السعدي: وهذا على نحو قضية عمر في غلمان حاطب.
ثنا أبو النعمان عارم، ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن ابن حاطب (أن غلمة لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فأتى بهم عمر فأقروا، فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء فقال له: إن غلمان حاطب سرقوا ناقة رجل من مزينة وأقروا على أنفسهم، فقال عمر: يا كثير بن الصلت اذهب فاقطع أيديهم. فلما ولى بهم ردهم عمر، ثم قال: أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه حل له لقطعت أيديهم، وايم الله إذ لم أفعل لأغرمنك غرامة توجعك، ثم قال: