للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى قَتْلَاهُ، وَلِأَنَّهُ مُسْلِمٌ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ فَوَجَبَ أَنْ يُغَسَّلَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَالْمَقْتُولِ غِيلَةً.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ لَمَّا قُتِلَ بِصِفِّينَ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ بِوَصِيَّةِ عَمَّارٍ، وَأَمْرِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلِأَنَّهُ مُسْلِمٌ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ ظُلْمًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يُغَسَّلَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَالْقَتِيلِ فِي مَعْرَكَةِ الْمُشْرِكِينَ.

فَصْلٌ

: إِذَا اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْمُشْرِكِينَ صَلَّى عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَنَوَى بِالصَّلَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ بِمِائَةِ مُشْرِكٍ، أَوْ مُشْرِكٌ بِمِائَةِ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ أبو حنيفة إِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ صَلَّى عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ أَوْ كَانُوا سَوَاءً لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، اعْتِبَارًا بِحُكْمِ الْأَغْلَبِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَكَثُرَ رَجَاءَ أَنْ تَكُونَ صَلَاةً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ لَا يصلى عليهم إذا كان المسلون أَقَلَّ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ صَلَاةً عَلَى كُلِّ كَافِرٍ فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَكَثَرَ، فَعُلِمَ فَسَادُ مَا اعْتَبَرُوهُ وَاللَّهُ أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>