جَارِيًا مَجْرَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ قَدْ أَوْصَيْتُ لَكَ بِرَقَبَتِهِ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّتَيْنِ إِنْ عَجَزَ، وَيَجْرِي قَوْلُهُ: قَدْ وَصَّيْتُ لَكَ بِمَالِ كِتَابَتِهِ، وَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ مَجْرَى قَوْلِهِ: قَدْ وَصَّيْتُ لَكَ بِرَقَبَتِهِ وَالْكِتَابَةُ صَحِيحَةٌ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّتَيْنِ.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ وَكِتَابَتُهُ فَاسِدَةٌ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ وَالثَّانِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) هَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ فَكَيْفَ لَا يَجُوزُ مَا صَنَعَ فِي مِلْكِهِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا عَلِمَ بِفَسَادِ كِتَابَتِهِ فَوَصَّى بِرَقَبَتِهِ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ وَصَّى بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكُهُ فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ كِتَابَتِهِ، حَتَّى وَصَّى بِرَقَبَتِهِ فَفِي صِحَّةِ وَصِيتِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ وَصَّى بِمَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ. فَصَارَ مَقْصُودُهَا فَاسِدًا فَبَطَلَتْ، وَصَارَ كَبَيْعِ الِابْنِ دَارَ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَكَانَ الِابْنُ وَارِثًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ صَادَفَ مِلْكًا لِفَسَادِ الْمَقْصُودِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ، لِأَنَّهَا صَادَفَتْ مِلْكًا، وَإِنْ جَهِلَهُ، وَقَصَدَ خِلَافَهُ، وَجَرَى مَجْرَى وَصِيَّتَهُ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ، وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ فِيهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مَعَ جَهْلِهِ وَقَصَدَ خِلَافَهُ، فَصَارَ مَسْطُورَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ مُشْتَمِلًا عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلَ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُوصِيَ بِرَقَبَتِهِ فِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ، فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُوصِيَ بِمَالِ كِتَابَتِهِ فِي كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ، فَتَكُونَ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةً.
وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يُوصِيَ بِرَقَبَتِهِ فِي كِتَابِةٍ فَاسِدَةٍ، فَتَكُونَ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةً.
وَالرَّابِعَةُ: أَنْ يُوصِيَ بِمَالِ كِتَابَتِهِ فِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ فَتَكُونَ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَمِثْلَ نِصْفِهِ وُضِعَ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ بِمَا شَاءُوا وَمِثْلُ نِصْفِهِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا أَوْصَى الْمُكَاتَبُ بِأَكْثَرَ مِمَّا عَلَى مُكَاتَبِهِ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ بِأَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ بِجُزْءٍ وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ هُوَ أَكْثَرُ الْجُمْلَةِ، وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِأَكْثَرِ مَا عَلَيْهِ، وَمِثْلَ نِصْفِهِ كَانَتْ وَصِيَّةً بِأَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ وَأَكْثَرَ مِنَ الرُّبُعِ، لِأَنَّ الْأَكْثَرَ إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ كَانَ نِصْفُهُ أَكْثَرَ مِنَ الرُّبُعِ، فَيَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْكِتَابَةِ، وَجُزْءٌ نِصْفُ ذَلِكَ الْجُزْءِ.