للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقها، حُكِمَ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِثَمَنِهِ فَيَلْزَمُهُ لَهُمَا ثَمَنَانِ، لِإِمْكَانِ ابْتِيَاعِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا، وَكَذَّبَ الْآخَرَ، لَزِمَهُ ثَمَنُهُ للمصدق، وحلف المكذب، وبرىء بِيَمِينِهِ وَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا رُدَّتْ عَلَى الْمُكَذِّبِ، وَحُكِمَ لَهُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ إِذَا حَلَفَ فَيَصِيرُ مُلْتَزِمًا لِثَمَنِهِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ بِإِقْرَارِهِ، وَمُلْتَزِمًا بِثَمَنِهِ فِي حَقِّ الثَّانِي بِيَمِينِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْإِقْرَاعُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَالْحُكْمُ لِمَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا، وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْمَقْرُوعَةِ بِالْقَارِعَةِ، وَفِي إِحْلَافِ مَنْ قَرَعَتْ بَيِّنَتُهُ. قَوْلَانِ: يَحْلِفُ فِي أَحَدِهِمَا إِنْ جُعِلَتِ الْقُرْعَةُ مُرَجِّحَةً لِلدَّعْوَى، وَلَا يَحْلِفُ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ إِنْ جُعِلَتْ مُرَجِّحَةً لِلْبَيِّنَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: اسْتِعْمَالُ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَقَسْمُ الثَّوْبِ الْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَائِعًا لِنِصْفِهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا، كَمَا جُعِلَ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا، وَلَا خِيَارَ لِمُشْتَرِيهِ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَمْ تَتَبَعَّضْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَبَعَّضَتْ فِي حَقِّ بَائِعِهِ فَإِنْ طَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعَيْنِ، إِحْلَافَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْبَيِّنَتَيْنِ كَانَ لَهُ إِحْلَافُهُ، لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ دَفْعُ الْبَاقِي مِنْ ثَمَنِهِ.

(فَصْلٌ)

: وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَتَانِ مُطْلَقَتَيْنِ، أَوْ إِحْدَاهُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ إِطْلَاقُهُمَا عَلَى التَّعَارُضِ، وَيُحْتَمَلَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِمْكَانِ. فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ. هَذَا الْإِطْلَاقُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِمْكَانِ، وَيُقْضَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنَيْنِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إِطْلَاقُهُمَا فِي وَقْتَيْنِ.

وَإِذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْمِلَا عَلَى التَّعَارُضِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُحْمَلَ إِطْلَاقُهُمَا عَلَى التَّعَارُضِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُضْمَنُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، وَإِذَا حُكِمَ بِتَعَارُضِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ:

أَحَدُهَا: إسقاطها.

وَالثَّانِي: الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا.

وَالثَّالِثُ: اسْتِعْمَالُهُمَا.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِيجَابُ الثَّمَنَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْوَقْتَيْنِ فهو صحيح مسلم، وإن أراد مَعَ اجْتِمَاعِ الْعَقْدَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِامْتِنَاعِهِ.

وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ، فَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ تَوَرَّعَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>