للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَسْتَحِقُّ كُلَّ الرِّبْحِ بِالْمِلْكِ، فَإِذَا اسْتَثْنَى مِنْهُ النِّصْفَ لِلْعَامِلِ ثَبَتَ أَنَّ الْبَاقِيَ لَهُ النِّصْفُ.

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يُصَرِّحَ بِذِكْرِ الْقِرَاضِ فِي عَقْدِهِ: فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ أَوْ نَصِيبَ نَفْسِهِ.

فَإِنْ بَيَّنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ فَقَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لَكَ نِصْفَ الرِّبْحِ صَحَّ الْقِرَاضُ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ بَاقِيَ الرِّبْحِ بَعْدَ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ مِنْهُ إِنْ حُمِلَ عَلَى حُكْمِ الْمَالِ كَانَ لِرَبِّهِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ فَهُوَ بِمَثَابَتِهِ.

وَإِنْ بَيَّنَ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَقَالَ خُذْهُ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلًا عَلَى مُوجَبِ الْقِرَاضِ فِي اشْتِرَاكِهِمَا فِي الرِّبْحِ، فَصَارَ الْبَيَانُ لِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا دَالًّا عَلَى أَنَّ الْبَاقِي لِلْآخَرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وأبي علي بن أبي هريرة أن الْقِرَاضَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ لِنَفْسِهِ بَعْضَ الرِّبْحِ الَّذِي هُوَ مَالِكٌ لِجَمِيعِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ بَيَانٌ لِمَا بَقِيَ.

فَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: لَوْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ وَلَكَ ثُلُثٌ بَطَلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبِي عَلِيٍّ لِلْجَهْلِ بِحُكْمِ السُّدْسِ الْبَاقِي، وَصَحَّ فِيهِ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ، وَكَانَ السُّدْسُ الْمُغْفَلُ ذِكْرُهُ لِرَبِّ الْمَالِ مَضْمُومًا إِلَى النِّصْفِ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقِرَاضُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا فَصَارَ ذَلِكَ جَهْلًا بِحِصَصِهِمَا.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ قِرَاضًا وَلَكَ رِبْحُ نِصْفِهَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ لَكَ نِصْفُ رِبْحِهَا جَازَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ لَهُ رِبْحَ نِصْفِهَا صَارَ مُنْفَرِدًا بِرِبْحِ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ حُقٌّ وَعَامِلًا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ، وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الْقِرَاضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ الْكُلِّ.

[مسألة]

قال المزني رحمه الله تعالى: " وَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى دَنَانِيرَ فَحَصَلَ فِي يَدَيْهِ دَرَاهِمُ أَوْ عَلَى دَرَاهِمَ فَحَصَلَ فِي يَدَيْهِ دَنَانِيرُ فَعَلَيْهِ بَيْعُ مَا حَصَلَ حَتَى يَصِيرَ مِثْلَ مَا لِرَبِّ الْمَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

وَإِنْ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ فِي مِثْلِ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَاجِبٌ عَلَى الْعَامِلِ، فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>