الْمُزَكِّيَيْنِ، لِيَسْأَلَ عَنِ الشَّاهِدَيْنِ، وَيَدْفَعَ الْأُخْرَى إِلَى الْمُزَكِّي الْآخَرِ لِيَسْأَلَ عَنِ الشَّاهِدَيْنِ، فَتَصِيرُ التَّزْكِيَةُ فيهما مسموعة من مزكيين.
(عمل أصحاب المسائل) .
فَإِذَا تَوَجَّهَ بِهَا أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ الْمُزَكُّونَ، كَانَ أَوَّلُ مَا يَسْأَلُونَ عَنْهُ أَحْوَالَ الشُّهُودِ.
فَإِنْ وَجَدُوهُمْ مَجْرُوحِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ غَيْرِهِمْ.
وَإِنْ وَجَدُوهُمْ مُعَدَّلِينَ سَأَلُوا عَمَّنْ شَهِدُوا لَهُ.
فَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ لَهُ، لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ.
وَإِنْ ذكروا جواز شهادتهم له، سألوا عَمَّنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ.
فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ، لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ.
وَإِنْ ذَكَرُوا جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ، ذَكَرُوا حِينَئِذٍ الْقَدْرَ الَّذِي شَهِدُوا فِيهِ.
ثُمَّ عَلَى أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَشْهَدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَا عَرَفُوهُ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعِ إِنِ اجْتَمَعَتْ أَوِ افْتَرَقَتْ، فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُكْمًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ، وَإِنْ لَزِمَ اعْتِبَارُ جَمِيعِهَا فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ.
(لَا يُقْبَلُ التَّعْدِيلُ إِلَّا من اثنين بلفظ الشهادة)
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " وَلَا يَقْبَلُ الْمَسْأَلَةَ عَنْهُ وَلَا تَعْدِيلَهُ وَلَا تَجْرِيحَهُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِتَعْدِيلِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وَلَا بِجَرْحِهِ إِلَّا بِشَهَادَةِ مُزَكِّيَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ مَسَائِلِهِ.
فَإِنْ شَهِدَ بِالتَّعْدِيلِ أَوِ الْجَرْحِ وَاحِدٌ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ فِي تَعْدِيلٍ وَلَا جَرْحٍ.
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: يَحْكُمُ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ وَأَجْرَاهُ مَجْرَى الْخَبَرِ، وَخَالَفَ فِيهِ كَخِلَافِهِ فِي التَّرْجَمَةِ.
اسْتِدْلَالًا بِقَبُولِ خَبَرِهِ فِي الدِّيَانَاتِ، فَكَانَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ أَوْلَى، وَأَجَازَ سَمَاعَ قَوْلِهِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ دُونَ الشَّهَادَةِ. وَأَجَازَ تَعْدِيلَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ كَمَا أَجَازَ خَبَرَهُمَا.
وَكُلُّ هَذَا فَاسِدٌ عِنْدَنَا، فَلَا يَسْمَعُ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ إِلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَ تَعْدِيلَ وَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ وَلَا يَقْبَلُ فِيهِ إِلَّا مَا يَقْبَلُ فِي سَائِرِ الشَّهَادَاتِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ