للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُكَاتَبَةِ تَبَعًا لَهَا فِي الْكِتَابَةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَلْ يَكُونُ تَبَعًا لَهَا فِي العتق حتى يعتق بعتقها فيرق بِرِقِّهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَثِيرٍ مِنْ كُتُبِهِ أَنَّهُ يَكُونُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، يُعْتَقُ إِنْ عُتِقَتْ، وَيَرِقُّ إِنْ رَقَّتْ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبِ لَمَّا كَانَ تَبَعًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُرِّيَّتُهُ وَرِقُّهُ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ تَبَعًا لَهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حُرِّيَّتِهِ وَرِقِّهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ وَلَدَ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ لَمَّا كَانَ تَبَعًا لَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لَهَا فِي أَسْبَابِ الْعِتْقِ، كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ، أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا. وَيَكُونُ مِلْكًا قِنًّا لِلسَّيِّدِ، سَوَاءٌ عَتَقَتْ بِالْأَدَاءِ، أَوْ رَقَّتْ بِالْعَجْزِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لَهَا فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لَهَا فِي الْعِتْقِ الْحَادِثِ عَنِ الْكِتَابَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لَمَّا كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ اللُّزُومِ وَالْفَسْخِ لَمْ يَنْتَشِرْ حُكْمُهُ إِلَى الْوَلَدِ، كَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ، وَخَالَفَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَخَالَفَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمِلْكِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَأَوْلَادُ الْآدِمِيَّاتِ يَنْقَسِمُونَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: وَلَدُ الْحُرَّةِ حُرٌّ، وَوَلَدُ الْأَمَةِ الْقَنِّ عَبْدٌ، وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ تَبَعٌ لَهَا، وَوَلَدُ الْمُدَبَّرةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُعْتَقَةِ بِصِفَةٍ فِي كَوْنِهِمْ تَبَعًا على قولين.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (فَإِنْ جُنِيَ عَلَى وَلَدِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لِلسَّيِّدِ قِيمَتُهُ وَمَا كَانَ لَهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ وَلَدَهَا وَيُؤْخَذُ السَّيِّدُ بِنَفَقَتِهِ وَإِنِ اكْتَسَبَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَوَقَفَ الْبَاقِي، وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِ أُمِّهِ كَانَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ عَتَقَ بِعِتْقِهَا كَانَ مَالُهُ لَهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ جَازَ عِتْقُهُ وَإِنْ أَعْتَقَ ابْنَ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَإِنَّمَا فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَمْلِكُ وَلَدَهَا وَإِنَّمَا حُكْمُهُ حُكْمُهَا وَالْمُكَاتَبُ يَمْلِكُ وَلَدَهُ مِنْ أَمَتِهِ لَوْ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِ رِقٌّ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ أُمَّهُمْ أَحَقُّ بِمَا مَلَكُوا تَسْتَعِينُ بِهِ لِأَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُهُمَا (قَالَ الْمُزَنِيُّ) الْآخَرُ أَشْبَهُهُمَا بقوله إذا كانوا يعتقون بعتقها فهم أولى بحكمها ومما يثبت ذلك أيضا قوله: لو وطئ ابنة مكاتبته أو أمها كان عليه مهر مثلها وهذا يقضي لما وصفت من معنى ولدها) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا تَقَرَّرَ الْقَوْلَانِ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ، هَلْ يَكُونُ عَبْدًا لِلسَّيِّدِ أَوْ تَبَعًا لِأُمِّهِ؟ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ عَبْدًا تَعَلَّقَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعَبِيدِ فِي كَسْبِهِ، وَنَفَقَتِهِ وَعِتْقِهِ، وَالْجِنَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>