للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّقْصِ فِيهَا فَإِنْ كَانَ مَرَضُ الْعَبْدِ مَرَضًا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ نُظِرَ فِيمَا اسْتُؤْجِرَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَعَافُ النَّفْسُ مَرَضَهُ فِيهِ كَالْبِنَاءِ وَرَعْيِ الْمَوَاشِي وَحَرْثِ الْأَرْضِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَعَافُ النَّفْسُ مَرَضَهُ كَخِدْمَتِهِ فِي مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَلْبَسِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي دَارٍ خَرِبَ جِوَارُهَا أَوْ دُكَّانٍ بَطَلَتْ سُوقُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فَانْهَدَمَ فِيهَا حَائِطٌ أَوْ سَقَطَ فِيهَا سَقْفٌ نُظِرَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سُكْنَى الدَّارِ بِانْهِدَامِ حَائِطِهَا وَسُقُوطِ سَقْفِهَا كَانَ كَمَا لَوِ انْهَدَمَ جَمِيعُهَا فِي بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ فِيهَا وَإِنْ أَمْكَنَ سُكْنَاهَا لَمْ تَبْطُلِ الْإِجَارَةُ وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي الْفَسْخِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ وَأَمَّا إِنِ انْهَدَمَ نِصْفُهَا وَبَقِيَ نِصْفُهَا الْبَاقِي مِنْهَا يُمْكِنُ سُكْنَاهُ بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ الْمُنْهَدِمِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي النِّصْفِ السَّلِيمِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ وَمَنْ جَعَلَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْفَسَادَ الطَّارِئَ عَلَى بَعْضِ الصَّفْقَةِ كَالْفَسَادِ الْمُقَارِنِ لِلصَّفْقَةِ خَرَّجَ الْإِجَارَةَ فِيمَا سَلِمَ مِنَ الدَّارِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

فَصْلٌ

: فَإِذَا انْهَدَمَتِ الدَّارُ فَبَنَاهَا الْمُؤَجِّرُ لَمْ تَعُدِ الْإِجَارَةُ فِيهَا بَعْدَ فَسَادِهَا إِلَّا بِعَقْدٍ مُسْتَحْدَثٍ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَقْدِ يَمْنَعُ مِنْ عَوْدِهِ إِلَّا بِاسْتِحْدَاثٍ عَقْدٍ وَلَكِنْ لَوِ اسْتَرَمَّتْ وَتَشَعَّثَتْ وَلَمْ يَخْتَرِ الْمُسْتَأْجِرُ الْفَسْخَ حَتَّى عَمَرَهَا الْمُؤَجِّرُ فَفِي خِيَارِ الْمُسْتَأْجِرِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ سَقَطَ لِارْتِفَاعِ مُوجِبِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ بَاقٍ بِحَالِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَكِنْ لَوْ رَامَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَمْنَعَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنَ الْفَسْخِ حَتَّى يَعْمُرَهَا لَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلْمُؤَجَّرِ وَكَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى خِيَارِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فَانْطَمَّتْ آبَارُهَا وَامْتَلَأَتْ حُشُوشُهَا فَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّ تَنْقِيَةَ ذَلِكَ وَتَنْظِيفَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ التَّمْكِينِ وَالَّذِي عندي وأراه مذهباً أن تنقية ما انظم مِنْ آبَارِهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَتَنْقِيَةَ مَا امْتَلَأَ مِنْ حُشُوشِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ امْتِلَاءَ الْحُشُوشِ مِنْ فِعْلِهِ فَصَارَ كَتَحْوِيلِ الْقُمَاشِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْطِمَامُ الْآبَارِ فَلَوِ امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ تَنْقِيَةِ مَا يَلْزَمُ مِنَ الْحُشُوشِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ وَلَوِ امْتَنَعَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ تَنْقِيَةِ مَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْآبَارِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَكَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ والله أعلم بالصواب.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا مَا كَانَتِ الدَّارُ قَائِمَةً وَلَيْسَ الْوَارِثُ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمَوْرُوثِ الَّذِي عَنْهُ وَرِثُوا فَإِنْ قِيلَ فَقَدِ انْتَفَعَ الْمُكْرِي بِالثَّمَنِ قِيلَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي رطبٍ لوقتٍ فَانْقَطَعَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَقَدِ انْتَفَعَ بِهِ البائع ولو باع متاعاً غائباً ببلدٍ ودفع الثمن فهلك المبتاع رجع بالثمن وقد انتفع به البائع (قال المزني) رحمه الله وهذا تجويز بيع الغائب ونفاه في مكانٍ آخر ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. عَقْدُ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ وَلَا الْمُسْتَأْجِرِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>