الْإِمَامُ الْأَوْلَى فِي الْمُسْتَحَبِّ: وَصَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً وبالثانية ركعتين لو كَانَ مُسِيئًا وَصَلَاةُ جَمِيعِهِمْ جَائِزَةً لَأَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَوْلَى فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا وَلَا سُجُودَ عليها.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا فَعَلَ الْإِمَامُ مَا أُمِرَ بِهِ وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً، انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى مَحَلِّ الِانْتِظَارِ، فَلَا يَخْتَلِفُ أَنَّهُ إِنِ انْتَظَرَهُمْ جَالِسًا فِي تَشَهُّدِ الثَّانِيَةِ جَازَ، وَإِنِ انْتَظَرَهُمْ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ جَازَ وَفِي الْمُسْتَحَبِّ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ جَالِسًا فِي تَشَهُّدِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَهَذَا قَوْلُهُ فِي الْإِمْلَاءِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْأُمِّ يَنْتَظِرُهُمْ قَائِمًا فِي الثَّالِثَةِ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ قِيَامَهُ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ قُعُودِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ تَخْفِيفَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْلَى مِنْ إِطَالَتِهِ، فَإِنِ انْتَظَرَهُمْ قَائِمًا فَعَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنْ تَتَشَهَّدَ مَعَهُ، فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا فَارَقُوهُ وَأَتَمُّوا ثُمَّ دَخَلَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ، وَإِنِ انْتَظَرَهُمْ جَالِسًا تَشَهَّدَتِ الْأُولَى مَعَهُ ثُمَّ فَارَقُوهُ جَالِسًا بَعْدَ تَشَهُّدِهِ، فَإِذَا أَتَمُّوا أَحْرَمَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ خَلْفَهُ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ قِيَامِهِ فَإِذَا كَبَّرَ لِقِيَامِهِ كَبَّرُوا مَعَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ.
(مَسْأَلَةٌ)
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةَ حَضَرٍ فَلْيَنْتَظِرْ جَالِسًا فِي الثَّانِيَةِ أَوْ قَائِمًا فِي الثَّالِثَةِ حَتَى تُتِمُّ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا كَمَا وَصَفْتُ فِي الْأُخْرَى ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:
يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي السَّفَرِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَإِنْ كَانَتْ صُبْحًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْحَضَرِ، وَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا صَلَّى ثَلَاثًا عَلَى مَا مَضَى وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعَشَاءِ فَرَّقَ أَصْحَابَهُ فِرْقَتَيْنِ وَصَلَّى لِكُلِّ فَرِيقٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِانْتِظَارُ جَالِسًا فِي الثَّانِيَةِ أَوْ قَائِمًا فِي الثَّالِثَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَإِنْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً وَبِالثَّانِيَةِ ثَلَاثًا أَوْ بِالْأُولَى ثَلَاثًا وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً كَانَ مُسِيئًا وَصَلَاةُ جَمِيعِهِمْ جَائِزَةٌ وَعَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَلَوْ فَعَلَ فِي الْمَغْرِبِ لَمْ يَلْزَمْهُ سُجُودُ السَّهْوِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَغْرِبَ في العدد تنصيفها إِلَى تَفْضِيلِ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ اجْتِهَادًا فَسَقَطَ سُجُودُ السَّهْوِ لِمُخَالَفَتِهِ وَلَمَّا اسْتَوَيَا فِي الظُّهْرِ شَرْعًا لا اجتهاد ألزم سجود السهو لمخالفته.