للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحالة الرابعة: أن يرضى البايع بِتَرْكِهَا، وَيَمْتَنِعَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَدَاءِ زَكَاتِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، وترد الثمرة على البايع لأمرين:

أحدهما: أن للبايع الرُّجُوعَ بَعْدَ الرِّضَا فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الزَّكَاةِ مغرراً.

والثاني: أن رضا البايع يُوجِبُ عَلَيْهِ تَرْكَهَا وَهُوَ قَدِ اسْتَحَقَّ تَعْجِيلَ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِمَا شَرَطَ مِنْ قَطْعِهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَأْجِيلُ مَا اسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ تَعْجِيلَهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْبَيْعَ مُقَرٌّ عَلَى حَالِهِ لَا يُفْسَخُ، وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَرِهَ لأمرين:

أحدهما: أن رضى البايع تركها بدل زيادة غير مثمرة يَرْتَفِعُ بِهَا مَا يَخَافُهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ بِقَطْعِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى قبولها، ويمتنع البايع مِنَ الرُّجُوعِ فِيهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ الثَّمَرَةِ بِبُدُوِّ صَلَاحِهَا نَقْصٌ فِي الثَّمَرَةِ يَجْرِي مجرى العيب، فلم يلزم البايع اسْتِرْجَاعَ ثَمَرَتِهِ نَاقِصَةً وَلَا قَبُولَهَا مَعِيبَةً، وَكَانَ الْبَيْعُ لِلْمُشْتَرِي لَازِمًا وَزَكَاةُ الثَّمَرَةِ عَلَيْهِ حَتْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

مَسْأَلَةٌ:

فَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، فَلَمْ يَقْطَعْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى بَدَا صَلَاحُهَا نُظِرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مَا اشْتَرَى وَلَا مَلَكَ الْبَائِعُ غَيْرَ مَا يَبْقَى فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ منهما؛ لأن تمييز ملكها، واشتراط القطع على الواحد منها يَمْنَعُ مِنَ الْخُلْطَةِ وَنُقْصَانُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ النِّصَابِ، يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْخُلْطَةِ، وَإِنْ مَلَكَ الْبَائِعُ تَمَامَ النِّصَابِ مَعَ مَا يَبْقَى وَلَمْ يَمْلِكِ الْمُشْتَرِي غير ما اشترى فعلى البايع الزَّكَاةُ فَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ مَلَكَ الْمُشْتَرِي تَمَامَ النِّصَابِ مع ما اشترى، ولو يَمْلِكِ الْبَائِعُ غَيْرَ مَا يَبْقَى فَلَا زَكَاةَ على البائع، فأما البائع فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِمْضَائِهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِأَجْلِ الَّذِي كَمَّلَ النِّصَابَ به وإن ملك البايع كمال النِّصَابِ مَعَ مَا يَبْقَى، وَمَلَكَ الْمُشْتَرِي تَمَامَ النصاب مع ما اشترى فعلى البايع الزَّكَاةُ، فَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَعَلَى مَا مَضَى فَحَصَلَ من ذلك أن أحوال البايع، وَالْمُشْتَرِي مُخْتَلِفَةٌ عَلَى الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو استهلك رجل ثمرةً وقد خرصت أُخِذَ بِثَمَنِ عُشْرِ وَسْطِهَا، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>