فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْحَجِّ فَوُجُوبُهُ مُعْتَبَرٌ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ لِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ لَا حَجَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثلاثٍ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَلِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ إِذَا بَلَغَ ". فَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْحَجِّ لَسَقَطَتِ الْإِعَادَةُ عَنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: الْعَقْلُ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا حَجَّ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ " وَذَكَرَ فِيهَا الْمَجْنُونَ حَتَّى يُفِيقَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ يُجَنُّ، وَيُفِيقُ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ، فَإِذَا حَجَّ مُفِيقًا أَجْزَأَ عَنْهُ.
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْحُرِّيَّةُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا حَجَّ عَلَيْهِ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَيُّمَا عبدٍ حَجَّ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ إِذَا عُتِقَ.
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: الْإِسْلَامُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا حَجَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيُّمَا أَعْرَابِيٍّ حَجَّ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ إِذَا هَاجَرَ يَعْنِي بِالْهِجْرَةِ الْإِسْلَامَ.
وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: الِاسْتِطَاعَةُ وَهِيَ ضَرْبَانِ:
اسْتِطَاعَةُ مَكَانٍ.
وَاسْتِطَاعَةُ زَمَانٍ وَسَنُبَيِّنُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) {آل عمران: ٩٧) وَلِعَدَمِ تَكْلِيفِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ، فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْحَجِّ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَالْإِجْزَاءِ جَمِيعًا، وَهِيَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، فَإِنْ حَجَّ قَبْلَ كَمَالِهَا لَمْ يُجْزِهِ.
وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ دُونَ الْإِجْزَاءِ، فَإِنْ حج غير مستطيع أجزأ عنه.
[مسألة]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ حَجَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي دَهْرِهِ فَلَيْسَ عليه غيرها ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute