أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ غُرْمُ جَمِيعِهَا. وَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ أَضْعَافًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: عَلَيْهِ غُرْمُ قِيمَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمُ الزِّيَادَةِ. فَيَكُونُ غَارِمًا لِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ.
وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْدِيَهُ مِنْ جِنَايَتِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَرْهُونٍ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَلَا يُلْزَمُ غُرْمَ الزِّيَادَةِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْدِيَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَرْهُونٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَرْهُونٍ أُمْكِنَ بَيْعُهُ وَهَهُنَا لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ فَصَارَ مُتْلِفًا لَهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ الزِّيَادَةِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشُ جِنَايَتِهِ كَمَا يَفْدِي أُمَّ وَلَدِهِ وَإِذَا غَرِمَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ عَادَ الْعَبْدُ إِلَيْهِ فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. فَهَذَا حُكْمُهُ إِذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ.
(فَصْلٌ)
فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ عَنِ الْيَمِينِ وَجَبَ رَدُّهَا وَفِيمَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ حَلَفَ لَمْ يَغْرَمِ الرَّاهِنُ شَيْئًا فَلَا مَعْنَى لِرَدِّهَا عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ شَيْئًا وَرُدَّتْ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِهَا حَقَّ نَفْسِهِ فَعَلَى هَذَا إِنْ حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ثَبَتَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَبِيعَ فِيهَا، إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الرَّاهِنُ مِنْهَا.
وَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحَالِّ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْأَرْشِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لَوْ حَلَفَ فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ إِلَى الرَّاهِنِ لَزِمَهُ حِينَئِذٍ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيُبَاعَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ يفديه الراهن منها. وإن لم يجد إِلَيْهِ وَبِيعَ فِي الرَّهْنِ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ. وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ إِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ حَلَفَ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِيَمِينِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْأَرْشِ. فَعَلَى هَذَا إِنْ حَلَفَ خَرَجَ الْعَبْدُ مِنَ الرَّهْنِ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الرَّاهِنُ مِنْهَا.
وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَهَلْ تُرَدُّ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مُخَرَّجَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْمُفْلِسِ أَوِ الْوَرَثَةِ إِذَا امْتَنَعُوا مِنَ الْيَمِينِ هَلْ تُرَدُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ. فَكَذَلِكَ رَدُّ الْيَمِينِ. عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُخَرَّجٌ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَبِيعَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الرَّاهِنُ مِنْهَا. وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِعِوَضِ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ. فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ إِلَى الرَّاهِنِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيُبَاعَ فِي الْجِنَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute