وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَا مُوجَئَيْنِ فَيُنْظَرُ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ تَوْجِئَةُ السَّبُعِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ قَوَدٍ وَلَا عَقْلٍ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ تَوْجِئَةُ الرَّجُلِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ أَوْ جَمِيعُ الدِّيَةِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَا جَارِحَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَمُوتَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ، فَفِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الرَّجُلِ قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ أَظْهَرُهُمَا، عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِخُرُوجِ النَّفْسِ بِالْعَمْدِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ لِلسَّبُعِ، فَصَارَ كَاشْتِرَاكِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَهَكَذَا مُشَارَكَتُهُ لِلْحَيَّةِ إِذَا نَهَشَتْ يَكُونُ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَجِبُ.
وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ حَالَّةً فِي مَالِهِ.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا اشْتَرَكَ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ سَيِّدُهُ وَعَبْدٌ آخَرُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّيِّدِ مِنْ قَوَدٍ وَلَا قِيمَةٍ، وَفِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُشَارِكِ لَهُ قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى شَرِيكِ السَّبُعِ، لِأَنَّ فِعْلَ السَّيِّدِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، كَمَا كَانَ فِعْلُ السَّبُعِ غَيْرَ مَضْمُونٍ.
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِخُرُوجِ النَّفْسِ بِعَمْدٍ مَحْضٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِمُشَارَكَةِ مَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا جَرَحَ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ فَجَرَحَهُ مُسْلِمٌ آخَرُ وَمَاتَ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْأَوَّلِ، لِأَنَّ جُرْحَهُ فِي الرِّدَّةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَفِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الثَّانِي قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ لَمْ يُضْمَنْ:
أَحَدُهُمَا: يُقَادُ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ رُجَلًا قُطِعَتْ يَدُهُ قَوَدًا وَقَطَعَ آخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى ظُلْمًا وَمَاتَ الْمَقْطُوعُ فَقَدْ خَرَجَتِ النَّفْسُ عَنْ قِصَاصٍ مُبَاحٍ وَظُلْمٍ مَحْظُورٍ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى ظَالِمِهِ بِالْقَطْعِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِهِ.
وَالثَّانِي: لَا يَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ اليَدِ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا كَلَامُ الْمُزَنِيِّ فَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي مُنَاظَرَتِهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي شَرِيكِ الصَّبِيِّ، لِمَ أُسْقِطُ عَنْهُ الْقَوَدَ؛ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنْهُ مَرْفُوعٌ، فَأَجَابَهُ الشَّافِعِيُّ: