للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملكهم، وليس كالموصى له بخدمة سَنَةٍ، حَيْثُ قُوِّمَتْ خِدْمَةُ السَّنَةِ فِي حَقِّهِ. لِأَنَّهُ اسْتَخْدَمَ بِالْوَصِيَّةِ غَيْرَ مِلْكِهِ.

وَلَوْ قَالَ: اسْتَخْدِمُوا عَبْدِي سَنَةً ثُمَّ أَعْتِقُوهُ عَنِّي:

كَانَ لَهُمُ اسْتِخْدَامُهُ، ثُمَّ عِتْقُهُ، بَعْدَ الْخِدْمَةِ، وَيُقَوَّمُ العبد في سنة الْوَصِيَّةِ فِي الْعِتْقِ، بَعْدَ خِدْمَةِ السَّنَةِ مِنْ موت الموصي، لأنه لا يجوز أن نعتبر قِيمَتَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يُمْلَكُ بِالْوَصِيَّةِ ولا يحرر بالعتق.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: (ولو) أوصى له بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ قِيلَ لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ أَوِ اشتروها له صغيرة كانت أو كبيرة ضائنة أو ماعزة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ: فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ، تَرَكَ غَنَمًا، أَوْ لَمْ يَتْرُكْ، لِأَنَّهُ جَعَلَهَا فِي مَالِهِ. وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ.

وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأُنْثَى وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ من نَصِّ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا يُعْطَى إِلَّا أُنْثَى لِأَنَّ الْهَاءَ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّأْنِيثِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أبي هريرة.

أن الورثة بالخيار فِي إِعْطَائِهِ، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، لِأَنَّ الْهَاءَ من أصل الكلمة، فيه اسْمِ الْجِنْسِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى.

وَلَكِنْ لَوْ قَالَ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي، وَكَانَتْ غَنَمُهُ كُلُّهَا إِنَاثًا، لَمْ يُعْطَ إِلَّا أُنْثَى.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا: لَمْ يُعْطَ إِلَّا ذَكَرًا مِنْهَا، وَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ غَنَمًا كَانَتِ الوصية باطلة.

وكذلك لَوْ دَلَّ كَلَامُهُ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهَا: حُمِلَ عَلَيْهِ مِثْلَ قَوْلِهِ: شَاةٌ يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا، وَنَسْلِهَا، لم يعط إلا كبير، أنثى، لتكون ذات در ونسل وسواء كانت من الضأن أو من المعز.

فَإِنْ قَالَ: شَاةٌ يَنْتَفِعُ بِصُوفِهَا، لَمْ يُعْطَ إلا من الضأن.

وَلَا يَجُوزُ إِذَا أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ أن يعطى غزالا أو ظَبْيًا، وَإِنِ انْطَلَقَ اسْمُ الشَّاةِ عَلَيْهِمَا مَجَازًا.

وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: شَاةٌ مِنْ شِيَاهِي، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ إِلَّا ظَبْيٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ: لِأَنَّ اسْمَ الشَّاةِ يَتَنَاوَلُ الْغَنَمَ، وَلَيْسَ فِي تَرِكَتِهِ، فَبَطَلَتْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ تَصِحُّ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ ذَلِكَ إِلَى شِيَاهِهِ، وَلَيْسَ فِي مَالِهِ إِلَّا مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>