للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب خيار المتبايعين ما لم يتفرقا]

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ ". (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوجِبَ الْبَيْعَ مَشَى قَلِيلًا ثُمَّ رَجَعَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْوَضِيءِ قَالَ كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَبَاعَ صَاحِبٌ لَنَا فَرَسًا مِنْ رَجُلٍ فَلَمَّا أَرَدْنَا الرَّحِيلَ خَاصَمَهُ فِيهِ إِلَى أَبِي بَرْزَةَ فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا " (قَالَ) وفي الحديث ما لَمْ يَحْضُرْ يَحْيَى بْنَ حَسَّانَ حِفْظُهُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهُمَا بَاتَا لَيْلَةً ثُمَّ غدوا عليه فقال لا أراكما تفرقتما وجعل لهما الخيار إذ بقيا في مكان واحد بعد البيع وقال عطاء يخيّر بعد وجوب البيع وقال شريح شاهدا عدل أنكما تفرقتما بعد رضا ببيع أو خيّر أحدكما صاحبه بعد البيع (قال الشافعي) وبهذا نأخذ وهو قول الأكثر من أهل الحجاز والأكثر من أهل الآثار بالبلدان (قال) وهما قبل التساوم غير متساومين ثم يكونان متساومين ثم يكونان متبايعين فلو تساوما فقال رجل امرأتي طالق إن كنتما تبايعتما كان صادقا وإنما جعل لهما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الخيار بعد التبايع ما لم يفترقا فلا تفرق بعدما صارا متبايعين إلا تفرق الأبدان ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْعُقُودَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْحَالِ وَلَا يُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ فِي ثَانِي حَالٍ.

وَالثَّانِي: مَا كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ قَدْ يُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ فِي ثَانِي حَالٍ.

وَالثَّالِثُ: مَا كَانَ لَازِمًا مِنْ جِهَةِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنَ فِي الْحَالِ دُونَ الْعَاقِدِ الْآخرِ بكل حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>