للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يَنْحَرُهُ وَلَا يَصُومُ عَلَى قَوْلِهِ - فِي الْقَدِيمِ -: إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ.

وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ - فِي الْجَدِيدِ: إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْمَرْأَةُ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ وَأَرَادَتِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ، فَقَدْ يَكُونُ فَرْضًا، وَقَدْ يَكُونُ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَلْزَمُهَا فَرْضُ الْحَجِّ بِالشَّرَائِطِ الَّتِي تُلْزِمُ الرَّجُلَ، وَهِيَ سِتٌّ، فَإِذَا أَرَادَتِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ، فَعَلَيْهَا اسْتِئْذَانُ الزَّوْجِ؛ لِمَا قَدِ اسْتَحَقَّهُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ، فَعَلَيْهِ تَمْكِينُهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، فَإِنْ أحرمت بغير إذنه، فهل له منعا أَمْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ - حَكَاهَا أَبُو حَامِدٍ فِي جَامِعِهِ -:

أَحَدُهَا: أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ، فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا عَاجِلًا، وَإِحْرَامُهَا إِنْ كَانَ فَرْضًا فَفَرْضُ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي، فَكَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَعْجِيلِهِ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ فَرْضًا، فَالْفَرَائِضُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ الزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَبِالدُّخُولِ فِيهِ صَارَ فَرْضًا.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا منه وإن كَانَ فَرْضًا، كَمَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَصِيَامِ التَّطَوُّعِ، وَلَا يَمْنَعَهَا مِنَ الْفَرْضِ.

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَقُلْنَا: لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا، فَإِنْ مَنْعَهَا كَانَتْ كَالْمُحْصَرِ بِالْعَدُوِّ، وَتَتَحَلَّلُ مِنْ إِحْرَامِهَا، وَعَلَيْهَا دَمُ الْإِحْصَارِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ مَكَّنَهَا فَعَلَيْهَا إِتْمَامُ حَجِّهَا، وَلَيْسَ لَهَا الْإِحْلَالُ مِنْهُ، وَلَا لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ فِيهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَبْتَدِئَ بِالْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ فَرْضًا جَازَ أَنْ تَخْرُجَ من ذِي مَحْرَمٍ، أَوْ مَعَ نِسَاءٍ ثِقَاتٍ وَلَوْ كَانَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً، إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ بِلَا مَحْرَمٍ، وَلَا امْرَأَةٍ تَثِقُ بِهَا وَإِنْ كَانَ حَجُّهَا وَاجِبًا، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا لَا تَخَافُ خَلْوَةَ الرِّجَالِ مَعَهَا، جَازَ أَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَبِغَيْرِ امْرَأَةِ ثِقَةٍ، وهو خلاف نص الشافعي - رضي الله عنه -.

فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا، لَمْ يَجُزْ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَكَذَلِكَ فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ، كَسَفَرِ الزِّيَارَةِ وَالتِّجَارَةِ، لَا يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ فِي شيءٍ مِنْهَا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ مَعَ نِسَاءٍ ثِقَاتٍ، كَسَفَرِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ مالك: يجوز أن تخرج من الْفَرْضِ مَعَ نِسَاءٍ ثِقَاتٍ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ مَعَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا تُسَافِرِ امرأةٌ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أيامٍ إِلَّا وَمَعَهَا أَخُوهَا أَوْ أَبُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أو محرم، وبرواية أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>