للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْرَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْبَذْرِ، وَهَلْ يَبْطُلُ فِي الْأَرْضِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَبْطَلَهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِلْجَهَالَةِ بِثَمَنِ الْبَذْرِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالْقَدَرِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مُفْرَدًا وَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ هَاهُنَا - جَوَازُهُ خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا كَانَ تَبَعًا لِمَعْلُومٍ لَمْ تَضُرَّ الْجَهَالَةُ بِهِ كَأَسَاسِ الْبِنَاءِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: - وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ - أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَبَعًا فَهُوَ مَقْصُودٌ بِخِلَافِ الْأَسَاسِ وَاللَّبَنِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إِلَّا بِشَرْطٍ وَتَأَوَّلَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: " خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ " لِمَعْنَى خَرَجَ سُنْبُلُهُ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ سُنْبُلُهُ - فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَكُونُ بَاطِلًا قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا أَوْ قَصِيلًا فَبَيْعُهُ مُفْرَدًا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَمَعَ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ كما يجوز بيع الثمرة على رؤوس نَخْلِهَا قَبْلَ بَدْوِّ صَلَاحِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ سُنْبُلًا مُشْتَدًّا فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ حبه بارزا لإكمام عَلَيْهِ كَالشَّعِيرِ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَجْنًا بِكِمَامٍ كَالْحِنْطَةِ فَإِنْ كَانَ بَارِزًا بِغَيْرِ كِمَامٍ جَازَ بَيْعُهُ مُفْرَدًا وَجَازَ بَيْعُهُ مَعَ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَجْنًا بِكِمَامٍ فَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ مُفْرَدًا قولان:

أحدهما: إن بيعه منفردا جَائِزٌ فَعَلَى هَذَا إِذَا بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ جَائِزًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ بيعه منفردا بَاطِلٌ فَعَلَى هَذَا فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِكَوْنِهِ تَبَعًا.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَإِنْ كَانَ تَبَعًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ قَوْلَانِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَبْطَلَ بِيعَ الْأَرْضِ قَوْلًا وَاحِدًا.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا مِنْ بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ زَرْعِهَا وَقُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِهَا فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَذْرًا نُظِرَ حَالُهُ عِنْدَ فَلَسِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ بَذْرًا أَيْضًا لَمْ يَنْبُتْ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ قَدْ نَبَتَ وَصَارَ بَقْلًا أَوْ قَصِيلًا رَجَعَ بِالْأَرْضِ وَفِي رُجُوعِهِ بِالزَّرْعِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَرْجِعُ بِالزَّرْعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْبَذْرِ فَصَارَ الْبَذْرُ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَوْجُودِ الْعَيْنِ فَيَرْجِعُ بِالْأَرْضِ وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِمَا قَابَلَ الْبَذْرَ - وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ بَاعَهُ بَيْضًا فَحَضَنَهُ حَتَّى صَارَ فِرَاخًا لَمْ يَرْجِعِ الْبَائِعُ بِالْفِرَاخِ وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِ البيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>