وَبَعَثَ سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ
وَبَعَثَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى صَاحِبِ الْبَحْرَيْنِ
وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى جَيَفْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ الْجَلَنْدِيِّ صَاحِبَيْ عُمَانَ، فَكَانَ لَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزْوَةٌ وَاحِدَةٌ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ سَرِيَّةً.
[(فصل: [غزوة خيبر] )]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَةَ خَيْبَرَ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ غَزَاهَا فِي الْمُحَرَّمِ، نَادَى فِي النَّاسِ بِالْخُرُوجِ إِلَى جِهَادِ خَيْبَرَ فَتَجَهَّزُوا، وَخَرَجُوا وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ وَأَخْرَجَ مَعَهُ أُمَّ سَلَمَةَ، وَفَرَّقَ الرَّايَاتِ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ خَيْبَرَ رَايَاتٌ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْأَلْوِيَةُ وَكَانَتْ رَايَاتُهُ سَوْدَاءَ اتَّخَذَهَا مِنْ بُرْدٍ لِعَائِشَةٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَدَفَعَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَايَةً، وَإِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَايَةً، وَإِلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ رَايَةً، وَسَارَ إِلَى خَيْبَرَ فَنَزَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَطَفَانَ لِئَلَّا يُظَاهِرُوا أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَيْهِ وَقَالَ حِينَ رَأَى خَيْبَرَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ " وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْأَمْوَالِ فَأَخَذَهَا ثُمَّ فَتَحَهَا حِصْنًا حِصْنًا، فَكَانَ أَوَّلَ حِصْنٍ فَتَحَهُ حِصْنُ نَاعِمٍ وَعِنْدَهُ قُتِلَ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ، بِرَحًّا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْحِصْنِ، ثُمَّ فَتَحَ بَعْدَهُ الْقَمُوصَ حِصْنَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَاصْطَفَى مِنْ سَبَايَاهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ كَانَتْ عِنْدَ كِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا، وَتَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَرَأَى فِي وَجْهِهَا أَثَرًا، فَقَالَ: " مَا هَذَا الْأَثَرُ؟ فَذَكَرَتْ أَنَّهَا رَأَتْ فِي الْمَنَامِ، وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ أَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِهَا، فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا أَنَّكِ تُرِيدِينَ مَلِكَ الْحِجَازِ مُحَمَّدًا، وَلَطَمَ وَجْهَهَا فَاخْضَرَّ مِنْ لَطْمَتِهِ، وَهَذَا أَثَرُهُ وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزٌ لِبَنِي النَّضِيرِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ، فَأَتَاهُ يَهُودِيٌّ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ، فَقَالَ لِكِنَانَةَ: " إِنْ وَجَدْتُ هَذَا الْكَنْزَ عِنْدَكَ أَقْتُلْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَ بِالْخَرِبَةِ، فَحُفِرَتْ فَخَرَجَ مِنْهَا بَعْضُ الْكَنْزِ، وَسَأَلَهُ عَنْ بَاقِيهِ، فَأَنْكَرَهُ، فَسَلَّمَهُ إِلَى الزُّبَيْرِ فَعَذَّبَهُ حَتَّى اسْتَخْرَجَ مِنْهُ الْبَاقِيَ ثُمَّ سَلَّمَهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ حَتَّى قَتَلَهُ بِأَخِيهِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَمْ يُسْبَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ إِلَّا آلُ أَبِي الْحُقَيْقِ لأجل هذا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute