لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعَيْنِ قَدْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْعَبْدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكَهُ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكَ الْمُشْتَرِي وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذكرنا من توكيل إحدى الْمُشْتَرِينَ لِصَاحِبِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
فَصْلٌ:
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ فِي عَقْدٍ ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيهِ فِي عَقْدٍ آخَرَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنْ كَانَ حُدُوثُ هَذَا الْعَيْبِ بَعْدَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الْعَقْدِ الثَّانِي فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْحِصَّةَ الثَّانِيَةَ بِالْعَيْبِ دُونَ الْحِصَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا قَبْلَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ بِالْعَقْدَيْنِ وَبَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ كُلَّهُ بِالْعَقْدَيْنِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْحِصَّةَ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْحِصَّةَ الثَّانِيَةَ دُونَ الْأُولَى.
فَصْلٌ:
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَ اثْنَيْنِ فَوَجَدَا بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَأَمْسَكَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الْآخَرُ الرَّدَّ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَسْتَرْجِعَ نِصْفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ يُعْطِيَ نِصْفَ الْأَرْشِ وَلَا يُخَيَّرُ الَّذِي يُرِيدُ الرَّدَّ عَلَى إِسْقَاطِ حَقِّهِ.
فَصْلٌ:
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا صَفْقَةً ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ بَعْضَهُ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَكَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ كُلَّهُ أَوْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ، وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صفقة رَجُلٍ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَإِنْ رَدَّهُمَا مَعًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ رَدَّ السَّلِيمِ دُونَ الْمَعِيبِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَرَادَ رَدَّ الْمَعِيبِ دُونَ السَّلِيمِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ إِذَا قِيلَ بِجَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَهَذَا قَوْلُ أبي حنيفة.
وَالثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ لَا يَجُوزُ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، ثُمَّ إِذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَاخْتَلَفَا فِي حِصَّةِ الْمَعِيبِ الْمَرْدُودِ مِنَ الثَّمَنِ وَكَانَ السَّلِيمُ مَعْدُومًا فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ جَمِيعَ الثَّمَنِ بِالْعَقْدِ فَلَمْ يُسْتَرْجَعْ مِنْهُ إِلَّا مَا اعْتَرَفَ بِهِ.
وَالثَّانِي: ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَأَمَّا التَّحَالُفُ فَلَا يَجِبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِ الْعَقْدِ.
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوِ اشْتَرَاهَا جَعْدَةً فَوَجَدَهَا سَبْطَةً فَلَهُ الرَّدُّ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً جَعْدَةَ الشَّعْرِ فَوَجَدَهَا سَبْطَةَ الشَّعْرِ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَرَى شَعْرَهَا عِنْدَ الِابْتِيَاعِ أَوْ لَا يَرَاهُ، فَإِنْ رَأَى شَعْرَهَا عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَكَانَ جَعْدًا صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ بَانَ الشَّعْرُ سَبْطًا وَأَنَّ تَجْعِيدَهُ كَانَ مُزَوَّرًا فَهَذَا عَيْبٌ وَلَهُ الْخِيَارُ سَوَاءٌ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهَا جَعْدَةٌ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ لِأَنَّ رُؤْيَتَهَا جَعْدَةً يُغْنِي عَنِ اشْتِرَاطِهَا أَنَّهَا جَعْدَةٌ، وَقَالَ أبو حنيفة: لَيْسَ هَذَا بِعَيْبٍ لَهُ سَوَاءٌ شَرَطَهُ أَوْ لَمْ يَشْرُطْهُ لِأَنَّ عَدَمَ التَّجْعِيدِ لَا يَسْلُبُ