مَبْطُوحًا، وَضَرَبَ الْمَرْأَةَ قَائِمَةً أَوْ نَائِمَةً أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ الضَّرْبُ وَلَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ أَفْضَى إِلَى التَّلَفِ؛ لِأَنَّهَا تَغْيِيرُ حَالٍ لَا زِيَادَةُ ضَرْبٍ.
[(مسألة)]
قال الشافعي: " ولا يبلغ في الحد أن ينهر الدم لأنه سبب التلف وإنما يراد بالحد النكال أو الكفارة) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ في العدول به عن الحديد إِلَى السَّوْطِ تَنْبِيهًا عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَثَرِ الحديد.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَقْصُودَ بِضَرْبِهِ أَلَمُهُ الَّذِي يَرْتَدِعُ بِهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَلَمِهِ بِإِنْهَارِ دَمِهِ الْمُفْضِي إِلَى تَلَفِهِ، فَإِنْ أَنْهَرَ دَمَهُ بِالضَّرْبِ فَلَمْ يَتْلَفْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْهَرَ دَمَهُ فَتَلِفَ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَضْرِبَهُ بَعْدَ إِنْهَارِ دَمِهِ لِاسْتِكْمَالِ حَدِّهِ قَبْلَ إِنْهَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إِنْهَارَ دَمِهِ قَدْ يَكُونُ مِنْ رِقَّةِ لَحْمِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ شِدَّةِ ضَرْبِهِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَضْرِبَهُ بَعْدَ إِنْهَارِ دَمِهِ اسْتِكْمَالًا لِحَدِّهِ، فَإِنْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ إِنْهَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ مُوَالَاةَ الْحَدِّ مُسْتَحَقَّةٌ.
وَإِنْ ضَرَبَهُ فِي موضع إنهاره ففي ضمانه وجهان:
أحدهما: يضمن؛ لأن إنهاره من غير واجب.
ثانيهما: يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِإِعَادَةِ الضَّرْبِ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا في قدر ضمانه وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: جَمِيعُ الدِّيَةِ.
وَالثَّانِي: نِصْفُهَا، عَلَى مَا مَضَى فِي ضَمَانِ الْمَخْتُونِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَحِمَهُ اللَّهُ " وَيَتَّقِي الْجَلَّادُ الْوَجْهَ وَالْفَرْجَ وروي ذلك عن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ يَجِبُ فِي جَلْدِ الْحُدُودِ أَنْ يُفَرِّقَ الضَّرْبُ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ؛ لِيَأْخُذَ كُلُّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنَ الْأَلَمِ، وَلَا يَجْمَعُهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فيفضي إلى تلفه إلا في موضعين عَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ ضَرْبَهُمَا:
أَحَدُهُمَا: الْمَوَاضِعُ الْقَاتِلَةُ كالرأس والخاصرة والقواد، وَالنَّحْرِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ.