للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَمَلَّكَهَا مِنْ غَيْرِ بَذْلِ مَالِكِهَا جَازَ أَنْ يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ قَبُولِ مُتَمَلِّكِهَا. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَادِثُ مَنْ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا مِلْكًا لِرَبِّهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ كَالْأَصْلِ.

[فصل:]

والحالة الرَّابِعَةُ: أَنْ يُرِيدَ بَيْعَهَا فَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَبِيعَهَا بَعْدَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا، فَذَلِكَ لَهُ كَمَا لَوْ أَكَلَهَا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِقِيمَتِهَا دُونَ ثَمَنِهَا، لِأَنَّهُ بَاعَهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ. فَلَوْ جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي رَقَبَتِهَا حَقٌّ لِنُفُوذِ الْبَيْعِ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْوَاجِدِ. فَلَوْ كَانَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ بَاقِيًا فَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَفْسَخَ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الْإِمْضَاءَ فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ كَجٍّ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ فِي الْفَسْخِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الرُّجُوعَ بِعَيْنِ مَالِهِ مَعَ بَقَائِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْإِمْضَاءِ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَقْدِ يَسْتَحِقُّهُ الْعَاقِدُ دُونَ غَيْرِهِ فَإِذَا أَمْضَى غَرِمَ الْقِيمَةَ دُونَ الثَّمَنِ وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا لِمَالِكِهَا جَازَ إِنْ كان البيع أحظ من الاستبقاء لِمَا يَلْزَمُ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِبَيْعِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ حَاكِمٍ بِخِلَافِ مَنْ أَرَادَ بَيْعَ مَالِ غَرِيمٍ جَاحِدٍ فَيَسْتَوْفِي مِنْهُ قَدْرَ دِينِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَبِيعُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَمُنِعَ مِنْ تَفَرُّدِهِ بِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا يَبِيعُهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ فَجَازَ كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ الْفَسْخَ فِي خِيَارِ الْعَقْدِ اسْتَحَقَّهُ وَجْهًا وَاحِدًا لِبَيْعِهَا فِي حَقِّهِ. فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ بَيْعِهَا لِمَالِكِهَا أَنْ يَتَمَلَّكَ ثَمَنَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَجْهًا وَاحِدًا: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بِعَيْنِهَا بَعْدَ إِمْسَاكِهَا أَمَانَةً فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الضَّوَالِّ وَلَمْ تَخْرُجْ هِيَ مَعَ بَقَائِهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ ضَالَّةً.

فَلَوْ كَانَتِ الضَّالَّةُ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَكَالْبَعِيرِ لَا يَتَعَرَّضُ لِأَخْذِهِ وَإِنْ كان صغيرا كالشاة يأخذه ويملكه إِنْ شَاءَ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً صَغِيرَةً فَفِي جَوَازِ تَمَلُّكِهِ لَهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ كَالْعَبْدِ الصَّغِيرِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ قَرْضُ الْإِمَاءِ وَإِنْ جَازَ قَرْضُ الْعَبْدِ لِأَنَّهَا ذَاتُ فَرْجٍ فَكَانَ حُكْمُهَا أَغْلَظُ فَعَلَى هَذَا تُبَاعُ عَلَى مَالِكِهَا إِنْ كَانَ الْبَيْعُ أَحَظَّ. ثُمَّ هَلْ يَجُوزُ لِلْوَاجِدِ أَنْ يَتَمَلَّكَ ثَمَنَهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ كَالْأَصْلِ وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَصْلِ مَفْقُودٌ فِي الثَّمَنِ. فَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَبَاعَهُ الْوَاجِدُ لَهُ ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إِنْ طَلَبَهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُقِرٌّ فِي مِلْكٍ لَمْ يَزُلْ قَالَ الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ إِنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَاجِدِ كَبَيْعِهِ فِي اللُّزُومِ: فَعَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَيَصِيرُ الْعَبْدُ حُرًّا وَيَلْزَمُ بَائِعُهُ الْوَاجِدُ أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ بَاعَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ أَوْ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِدُ قَدْ بَاعَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَضَاعَ الثَّمَنُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَلَى الْوَاجِدِ الْقَابِضِ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاجِدِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ بِثَمَنِ مَا قَدْ حَكَمَ بِنُفُوذِ عِتْقِهِ، فَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي خَرَّجَهُ الرَّبِيعُ أَنَّ قَوْلَ الْمَالِكِ فِيهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>