للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُحْتَسَبْ بِهِ مُصِيبًا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَنَاضَلَا عَلَى مُرُوقِ السَّهْمِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاضَلَا عَلَى ازدلافه، لأن مروق السهم عن فِعْلِ الرَّامِي، وَازْدِلَافَهُ مِنْ تَأْثِيرِ الْأَرْضِ، فَعَلَى هَذَا فِي الِاحْتِسَابِ بِهِ مُخْطِئًا إِذَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مُصِيبًا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مُخْطِئًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ.

وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ مُخْطِئًا مَا أَصَابَ، وَيَسْقُطُ الِاعْتِدَادُ بِهِ مُصِيبًا ومخطئاً، والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " فَإِنْ أَصَابَ بِالْقِدْحِ لَمْ يُحْسَبْ إِلَّا مَا أَصَابَ بِالنَّصْلِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا قِدْحُ السَّهْمِ فَهُوَ خَشَبَتُهُ الْمُرَيَّشَةُ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُسَمَّى بِهِ مِنْهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْخَشَبَةِ.

وقال آخرون: هم اسْمٌ يَخْتَصُّ بِمَوْضِعِ الْوَتَرِ مِنْهُ، فَيُسَمَّى فُوقَ السَّهْمِ، وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الْوَتَرُ.

وَأَمَّا النَّصْلُ فَهُوَ الطَّرَفُ الْآخَرُ مِنَ السَّهْمِ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُسَمَّى مِنْهُ نَصْلًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اسْمٌ لِلْحَدِيدِ الْمُسَمَّى زَجًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ اسْمٌ لِطَرَفِ الْخَشَبَةِ الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الزَّجُّ مِنَ الْحَدِيدِ، وَالْإِصَابَةُ إِنَّمَا تَكُونُ بِالنَّصْلِ لَا بِالْقِدْحِ.

فَإِذَا أَصَابَ بِغَيْرِ النَّصْلِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مُصِيبًا، وَنُظِرَ فِيمَا أَصَابَ بِهِ مِنَ السَّهْمِ، فَإِنْ أَصَابَ بِعُرْضِ السَّهْمِ، احْتُسِبَ بِهِ مُخْطِئًا؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى سُوءِ رَمْيِهِ، وَإِنْ أَصَابَ بِقِدْحِ سَهْمِهِ، فَفِي الِاحْتِسَابِ بِهِ مُخْطِئًا وَجْهَانِ تَعْلِيلًا بِمَا قَدَّمْنَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قال الشافعي: " وَلَوْ أَرْسَلَهُ مُفَارِقًا لِلشَّنِّ فَهَبَّتْ ريحٌ فَصَرَفَتْهُ أَوْ مُقَصِّرًا فَأَسْرَعَتْ بِهِ فَأَصَابَ حُسِبَ مُصِيبًا وَلَا حُكْمَ لِلرِّيحِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِلرِّيحِ تَأْثِيرًا مِنْ تَغْيِيرِ السَّهْمِ عَنْ جِهَتِهِ، وَحُذَّاقُ الرُّمَاةِ يَعْرِفُونَ مَخْرَجَ السَّهْمِ عَنِ الْقَوْسِ هَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ مُخْطِئٌ، فَإِذَا خَرَجَ السَّهْمُ، فَغَيَّرَتْهُ الرِّيحُ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْرُجَ مُفَارِقًا لِلشَّنِّ، فَتَعْدِلَ بِهِ الرِّيحُ إِلَى الشَّنِّ فَيُصِيبَ أَوْ يَكُونَ مُقَصِّرًا عَنِ الْهَدَفِ، فَتُعِينَهُ الرِّيحُ حَتَّى يَنْبَعِثَ، فَيُصِيبَ، فَتُعْتَبَرَ حَالُ الرِّيحِ، فَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً كَانَ مَحْسُوبًا فِي الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ تَأْثِيرِ الرَّمْيِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ تَأْثِيرِ الرِّيحِ، وَإِنْ كَانَتِ الرِّيحُ قَوِيَّةً نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ كَانَ مَحْسُوبًا فِي الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَهَدَ فِي التَّحَرُّزِ مِنْ تَأْثِيرِ الريح بتحريف سهمه، فأصاب

<<  <  ج: ص:  >  >>