للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ رَضِيَ الله عنهم وهو قول أبو حنيفة، وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ

وَدَلِيلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا قَاءَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ أَوْ رَعَفَ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ "، وَلِأَنَّهُ حَدَثٌ فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُبْطِلَهَا قِيَاسًا عَلَى حَدَثِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَسَلَسِ الْبَوْلِ وَإِذَا قِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَدَلِيلُهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا " فَأَمَرَهُ بِالِانْصِرَافِ حِينَ حُدُوثِ الصَّوْتِ وَالرِّيحِ، فَإِنْ قِيلَ: نَحْنُ نَأْمُرُهُ بِالِانْصِرَافِ فِيهِمَا لِلطَّهَارَةِ فَقَدِ اسْتَعْمَلْنَا ظَاهِرَ الْخَبَرِ، قِيلَ: هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّكُمْ تَقُولُونَ يَنْصَرِفُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَالِانْصِرَافُ مِنَ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي الْخُرُوجَ مِنْهَا، وَلِأَنَّهُ حَدَثٌ فِي الصَّلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنَ الْمُضِيِّ فِيهَا فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا

أَصْلُهُ حَدَثُ الْعَامِدِ وَعَكْسُهُ سَلَسُ الْبَوْلِ وَحَدَثُ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَلِأَنَّ " كُلَّ مَا أَبْطَلَ الطَّهَارَةَ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ " كَانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ، وَلِأَنَّ مَا اسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ فِي إِبْطَالِ الطَّهَارَةِ اسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ فِي إِبْطَالِ الصَّلَاةِ كَالِاحْتِلَامِ، وَلِأَنَّ مَا مَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ الْعَامِدِ مَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ قِيَاسًا عَلَى الْمُضِيِّ فِيهَا، فَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا قَاءَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ أَوْ رَعَفَ " الْحَدِيثَ، فَضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعُرْوَةَ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَعْنَى الْبِنَاءِ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ بَنَى الرَّجُلُ دَارَهُ إِذَا اسْتَأْنَفَهَا

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ يَنْوِي الْإِتْمَامَ؛ ثُمَّ أَحْدَثَ فَعَلَيْهِ الْبِنَاءُ عَلَى حُكْمِ صَلَاتِهِ عَلَى وُجُوبِ الْإِتْمَامِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ

وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ، وَسَلَسِ الْبَوْلِ فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ لَمَّا يَمْنَعِ الْمُضِيَّ فِيهَا لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ عَمِلَ فِي الصَّلَاةِ عَمَلًا قَلِيلًا مِثْلَ دَفْعِهِ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ قَتْلِ حيةٍ، أو ما أشبه، ذلك لم يضره "

<<  <  ج: ص:  >  >>