للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَالَ الْمَرْهُونَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُشَارِكِ الْمُرْتَهِنَ فيه إذا ثبت بينة بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ إِذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ فلو كان إقرار المفلس حين قال فِي يَدِهِ أَقَرَّ بِغَصْبِهِ أَوِ اسْتِعَارَتِهِ أَوِ اسْتِئْجَارِهِ أَوْ كَانَ صَائِغًا أَوْ صَبَّاغًا فَأَقَرَّ بِحُلِيٍّ فِي يَدِهِ أَوْ ثِيَابٍ قَدْ صَبَغَهَا فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَازِمٌ كَالْبَيِّنَةِ فَيَدْفَعُ الْأَعْيَانَ إِلَى مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَارِكَهُ الْغُرَمَاءُ فِيهَا. وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُشَارِكُهُمْ في المال أو كَانَ دَيْنًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أنَّ إِقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ فِي الْعَيْنِ بَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا وَيُبَاعُ سَائِرُ أَمْوَالِهِ سِوَى الْأَعْيَانِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا فَإِنْ وَفَتْ بِدَيْنِهِ دُفِعَتِ الْأَعْيَانُ حِينَئِذٍ إِلَى مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَإِنْ عَجَزَ مَالُهُ عن وفاء دَيْنِهِ بِيعَتِ الْأَعْيَانُ فِي حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ، وَكَانَتْ قِيمَتُهَا دَيْنًا لِلْمُقَرِّ لَهُمْ بِهَا فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ يَبِيعُونَهُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ، فَلَوِ احْتَاجَ وَفَاءُ دَيْنِهِ إِلَى بَيْعِ الْبَعْضِ مِنْ تِلْكَ الْأَعْيَانِ فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِهَا لِوَاحِدٍ بِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ وَيَكُونُ قِيمَتُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَدَفَعَ بَاقِيَ الْأَعْيَانِ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِهَا لِجَمَاعَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْرِدَ حَقَّ أَحَدِهِمْ بِالْبَيْعِ دُونَ الْبَاقِينَ وَبِيعَ كُلُّ عَيْنٍ أقر بها لشخص يقسط مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَدَفَعَ بَاقِيَ الأعيان إلى أربابها لتقع التسوية بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فِيمَا يُبَاعُ عَلَيْهِمْ وَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا ادُّعِيَ عَلَى الْمُفْلِسِ مَالٌ وَأَنْكَرَ وَعُرِضَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِهِ وَاسْتَحَقَّ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَلْ يَكُونُ الْيَمِينُ بَعْدَ النُّكُولِ تَجْرِي مَجْرَى الْبَيِّنَةِ أَوْ مَجْرَى الْإِقْرَارِ؟ فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ:

أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْبَيِّنَةِ - فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُدَّعِي بعد - عينه مُشَارِكًا لِلْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْإِقْرَارِ - فَعَلَى هَذَا هَلْ يَكُونُ مُشَارِكًا لِلْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ. والله أعلم.

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ إِلَى أَنَّ دُيُونَ الْمُفْلِسِ إِلَى أَجَلٍ تَحِلُّ حُلُولَهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يؤخر المؤخر عنه لأن له ذمة وقد يملك والميت بطلت ذمته ولا يملك بعد الموت (قال المزني) قلت أنا هذا أصح وبه قال في الإملاء ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِالْمَوْتِ. وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ لَا تَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَتَكُونُ عَلَى آجَالِهَا، لِأَنَّ مُدَّةَ الْأَجَلِ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمَيِّتِ مِثْلَ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَمَّا لَمْ تَبْطُلْ مُدَّةُ الْخِيَارِ بِالْمَوْتِ لَمْ تَبْطُلْ مُدَّةُ الْأَجَلِ بِالْمَوْتِ. وَالدَّلَالَةُ عَلَى حُلُولِ دُيُونِهِ بِالْمَوْتِ أَنَّ مَالَهُ قَدْ يَنْتَقِلُ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى الْغُرَمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>