للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ سَهْمًا فَقَتَلَ صَيْدًا ضَمِنَهُ، فَلَوْ كَانَ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ فَحَبَسَ فِي الْحَرَمِ طَائِرًا لَهُ فَرْخٌ فِي الْحِلِّ فَمَاتَ الطَّائِرُ وَالْفَرْخُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُمَا جَمِيعًا، أَمَّا الطَّائِرُ فَلِأَنَّهُ قَاتِلٌ لَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا الْفَرْخُ فَلِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبِ صَيْدٍ مِنْ جِهَتِهِ فِي الْحَرَمِ، كَمَا لَوْ رَمَى سَهْمًا مِنَ الْحَرَمِ فَقَتَلَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ كَانَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ.

فَصْلٌ

: يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ حَمْلُ الْبَازِيِّ وَكُلِّ صَائِدٍ مِنْ كَلْبٍ وَفَهْدٍ، فَإِنْ حَمَلَهُ فَأَرْسَلَهُ عَلَى صيد فقتله؛ فعليه جزائه، وَإِنْ جَرَحَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ ضَمِنَ جُرْحَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَمْ يَجْرَحْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ فَقَتَلَ صَيْدًا فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فَرَّطَ أَمْ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ اخْتِيَارًا يَتَصَرَّفُ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَأْكُلُ مَا قَتَلَهُ بِإِرْسَالِهِ، وَلَا يَأْكُلُ مَا قَتَلَهُ بِاسْتِرْسَالِهِ، فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى آدَمِيٍّ وَأَشْلَاهُ عَلَيْهِ وَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، فلا قُلْتُمْ: إِنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ أَيْضًا؛ قِيلَ لِأَنَّ الْكَلْبَ مُعَلَّمٌ لِاصْطِيَادِ الصَّيْدِ، فَإِذَا صَادَ صَيْدًا بِإِرْسَالِهِ كَانَ كَمَا لَوْ صَادَهُ بِنَفْسِهِ؛ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَالْكَلْبُ لا يعلم قتل الْآدَمِيِّ، فَإِذَا أَشْلَاهُ عَلَى آدَمِيٍّ فَقَتَلَهُ لَمْ يَكُنِ الْقَتْلُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ وَكَانَ مَنْسُوبًا إِلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ فَلَمْ يَضْمَنْهُ، وَمِثَالُهُ فِي الصَّيْدِ: أَنْ يُرْسِلَ كَلْبًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى صَيْدٍ فَيَقْتُلُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْسِلُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّمِ لَا يُنْسَبُ فِعْلُهُ إِلَى مُرْسِلِهِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يؤكل مَا صَادَهُ. وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا كَمَا لَا يؤكل مَا صَادَهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَرْسِلًا؟

فَصْلٌ

: إِذَا رَمَى صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ أَوْ ضَرَبَهُ بِآلَةٍ أَوْ نَصَبَ لَهُ حِبَالَةً أَوْ أَلْقَى لَهُ شَرَكًا فَأَصَابَهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ بِفِعْلِهِ، فَلَوْ رَمَى صَيْدًا بِسَهْمٍ فَنَفَذَ السَّهْمُ فِي الصَّيْدِ وَأَصَابَ ثَانِيًا فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُمَا جَمِيعًا، وَكَانَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُمَا مَعًا، وَكَذَا لَوْ رَمَى صَيْدًا بِحَجَرٍ فَأَصَابَهُ بِهِ ثُمَّ انْكَسَرَ الْحَجَرُ قِطَعًا فَأَصَابَتْ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهَا صَيْدًا، كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ، لِأَنَّهُ حَادِثٌ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا بِسَهْمٍ فَسَقَطَ الصَّيْدُ عَلَى صَيْدٍ آخَرَ فَقَتَلَهُ فَمَاتَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُنْظُرُ فِي حَالِ الصَّيْدِ الْمَرْمِيِّ فَإِنْ تَحَامَلَ فَمَشَى بَعْدَ الْإِصَابَةِ قَلِيلًا ثُمَّ سَقَطَ عَلَى صَيْدٍ آخَرَ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاءُ الصَّيْدِ الَّذِي رَمَاهُ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الصَّيْدِ بَعْدَ تَحَامُلِهِ مِنْ فِعْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ الَّذِي رَمَاهُ لَمْ يَتَحَامَلْ مَاشِيًا بَلْ سَقَطَ بالسهم وحدته فِي الْحَالِ عَلَى صَيْدٍ آخَرَ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الصَّيْدِ الَّذِي رَمَاهُ بِفِعْلِهِ، فَكَانَ ضَامِنًا لِمَا أَتْلَفَهُ الصَّيْدُ بِسُقُوطِهِ، كَمَا لَوْ أَلْقَى جِدَارًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ كَانَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ.

فَصْلٌ

: إِذَا حَفِرَ الْمُحْرِمُ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَمَاتَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا بِحَفْرِهَا وَذَلِكَ أَنْ يَحْفِرَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ يَحْفِرَهَا فِي جَادَّةِ السَّابِلَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْجَزَاءُ وَاجِبٌ عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>