للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: فَلَوْ عَلِمَ بِالْمَبِيعِ وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَعَفَا عَنِ الشُّفْعَةِ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةُ دِينَارٍ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْفُو عَنِ الدَّرَاهِمِ لِإِعْوَازِهَا مَعَهُ وَيَقْدِرُ عَلَى الدَّنَانِيرِ، وَهَكَذَا لَوْ قِيلَ له: إن الثمن مائة دينار ففعا عَنِ الشُّفْعَةِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَقَالَ أبو يوسف: إِنْ كَانَ قِيمَةُ الْأَلْفِ مِائَةَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْأَلْفِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَهَذَا خَطَأٌ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْجِنْسَيْنِ.

وَلَكِنْ لَوْ قِيلَ لَهُ: إِنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَعَفَا ثُمَّ بَانَ أَنَّ الثَّمَنَ أَقَلُّ مِنْ أَلْفٍ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا شُفْعَةَ لَهُ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ عَفَا عَنْهَا لِاعْتِقَادِ الْغَلَاءِ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا عِنْدَ ظُهُورِ الرُّخْصِ وَلَكِنْ لَوْ بَانَ أَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّ مَنْ كَرِهَهَا بِالْأَلْفِ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا أَكْرَهُ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قِيلَ لَهُ إِنَّ الْمَبِيعَ سَهْمٌ مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ فَعَفَا عَنِ الشُّفْعَةِ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْمَبِيعَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ عَشَرَةٍ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِلُّ انْتِفَاعُهُ بِالسَّهْمِ فَيَعْفُو وَيَكْثُرُ انْتِفَاعُهُ بِالْخَمْسَةِ فَيَأْخُذُ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ إِنَّ الْمَبِيعَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ عَشَرَةٍ فَعَفَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ سَهْمٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا وَاحِدًا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّ مَنْ كَرِهَ أَخْذَ خَمْسَةِ أَسْهُمٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ لِأَخْذِ سَهْمٍ وَاحِدٍ بِالْمِائَةِ أَكْرَهَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا مُخْتَلِفًا عَلَى قَدْرِ السِّهَامِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْفُو عَنِ الْخَمْسَةِ الْأَسْهُمِ لِعَجْزِهِ عَنْ ثَمَنِهَا وَيُرِيدُ السَّهْمَ الْوَاحِدَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ثَمَنِهِ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ إن المشتري زيداً فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ عَمْرٌو فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّ معرفة المشتري شرطاً فِي الْمُطَالَبَةِ وَالْعَفْوِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَ علة الشفعة الخوف من مؤونة الْقِسْمَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ زِيدٌ أَحْسَنَ مُشَارَكَةً مِنْ عَمْرٍو وَهَذَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَ عِلَّةَ الشُّفْعَةِ الْخَوْفَ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ.

فَصْلٌ

: فَلَوْ كَانَ مُشْتَرِي الشِّقْصِ وَكِيلًا فَعَفَا الشَّفِيعُ عَنِ الشُّفْعَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ عَفَا عَنِ الْمُوَكَّلِ دُونَ الْوَكِيلِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَلَوْ عَفَا عَنِ الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكَّلِ فَفِي بُطْلَانِ شُفْعَتِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطَلَتْ لِأَنَّ الْوَكِيلَ خَصْمٌ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>