أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ لِتَعَذُّرِهِ وَإِعْوَازِهِ، وَفِيمَا تَسْتَحِقُّهُ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: جَائِزٌ وَتَأْتِي بِغَيْرِهَا حَتَّى يُعَلِّمَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ إِذَا عَجَزَ عَنِ اسْتِيفَائِهِ بِنَفْسِهِ اسْتَوْفَاهُ بِغَيْرِهِ، وَلَا خِيَارَ لَهَا، لِأَنَّ الْعَيْبَ مِنْ جِهَتِهَا.
وَهَلْ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا خِيَارَ لَهُ، لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ قَدِ اسْتَحَقَّتْهُ لِنَفْسِهَا فَجَازَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ بِغَيْرِهَا، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ فِي الْمُقَامِ أو الفسخ، لأنه يستلذ من تعليمها مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَلِذَّ مِنْ تَعْلِيمِ غَيْرِهَا فَإِنْ فَسَخَ فَفِيمَا يَلْزَمُهُ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أُجْرَةُ مِثْلِ التَّعْلِيمِ.
وَالثَّانِي: مَهْرُ الْمِثْلِ.
فَلَوْ أَرَادَتْ وَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَنْ تأتيه بغيرها ليعلمه بَدَلًا مِنْهَا فَإِنْ رَاضَاهَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ جَازَ، وَإِنِ امْتَنَعَ فَفِي إِجْبَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَجْهَانِ وَتَعْلِيلُهُمَا مَا ذَكَرْنَا.
وَلَوْ لَمْ يُعَلِّمْهَا الْقُرْآنَ حَتَّى تَعَلَّمَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَقَدْ فَاتَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِهَا فَيَكُونَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تأتيه بغيرها حتى يعلمه الْقُرْآنَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَدْ بَطَلَ الصَّدَاقُ، وَفِيمَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أُجْرَةُ مِثْلِ التَّعْلِيمِ.
وَالثَّانِي: مَهْرُ الْمِثْلِ.
فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِيمَا إِذَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ وَهُوَ لَا يَحْفَظُهُ
وَإِذَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ، وَهُوَ لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ أَنْ أُحَصِّلَ لَكِ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ، فَهَذَا صَدَاقٌ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهَا مَنْ يُعَلِّمُهَا الْقُرْآنَ إِمَّا مِنَ النِّسَاءِ أَوْ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا مِنَ الرِّجَالِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُعَلِّمَهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُعَلِّمُهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ فِي عَيْنِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ أَنْ أُعَلِّمَكِ الْقُرْآنَ نُظِرَ:
فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ جَازَ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَعْلِيمِهَا مِنَ الْمُصْحَفِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا يَمْلِكُهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَهَا كَذَلِكَ الْقُرْآنُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهُ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يحفظه فيعلمها.