للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الْمَأْمُومِ وَإِذَا تَضَمَّنَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهَا وَالْأُمِّيُّ عَاجِزٌ عَنْهَا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَأْتِ بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ...

وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ كُلَّ مَنِ ائْتَمَّ بِغَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَجَبَ إِذَا أَمَّهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ أَنْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ

أَصْلُهُ الْإِمَامُ الْأُمِّيُّ بَدَلًا مِنَ الْقَارِئِ بِالْقَارِئِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ إِذَا أُئِم بِمَنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا لَهُ

أَصْلُهُ: إِمَامَةُ الْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ وَلِأَنَّ الْأُصُولَ كُلَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ فَسَادَ صَلَاةِ الْإِمَامِ تَتَعَدَّى إِلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَلَا يَتَعَدَّى فَسَادُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ إِلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ أَلَا تَرَى لَوْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا إِذَا عَلِمَ بِحَالِهِ، وَعِنْدَ أبي حنيفة مَعَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَطَهِّرًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا علماً بِجَنَابَتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ فَسَادَ صَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ لَا تُبْطِلُ صَلَاةَ الْأُمِّيِّ فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِوُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ تَضَمَّنَ تَحَمُّلَهَا بِالْإِمَامَةِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ إِذَا سَلَّمَ لَهُمْ ضَمَانَ تَحَمُّلِهَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا وَجَبَ تَحَمُّلًا عَنْ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ لَا رُكْنًا مَفْرُوضًا مِنْ صَلَاتِهِ فَوَجَبَ إِذَا لَمْ يَأْتِ بِهَا أَنْ تَبْطُلَ الصَّلَاةُ التي وجبت فيها الصلاة متحملها، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ ضَمِنَ شَيْئًا ضَمَانًا فَاسِدًا أَنَّ الْحَقَّ لَازِمٌ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ دُونَ الضَّامِنِ فَلِذَلِكَ هَذَا

(فَصْلٌ)

: إِذَا صَلَّى مَنْ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ خَلْفَ مَنْ لَا يُحْسِنُهَا وَيُحْسِنُ مَا عَدَاهَا مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ كَصَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالْعَاجِزُ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى غَيْرِهَا مَعَ مَنْ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ كَالْأُمِّيِّ مَعَ الْقَارِئِ أَلَا تَرَاهُ لَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا فَقَرَأَ غَيْرَهَا لَمْ تُجْزِهِ وَلَوْ كَانَا مَعًا لَا يُحْسِنَانِ الْفَاتِحَةَ. إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا يُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ وَالْآخَرَ أَكْثَرَ مِنْهَا فَأَوْلَاهُمَا بِالْإِمَامَةِ أَكْثَرُهُمَا قِرَاءَةً لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ " فَإِنْ أَمَّ مَنْ يُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ تَسَاوَيَا فِي فَقْدِ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِمَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، فَصَارَتْ مَنْزِلَتُهُ مَنْزِلَةَ مَنْ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا إِذَا أَمَّ مَنْ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ فَلَوْ صَلَّى قَارِئٌ خَلْفَ رَجُلٍ لَا يَعْلَمُ أَقَارِئٌ هُوَ أَمْ أُمِّيٌّ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ إِسْرَارٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَدْ قَرَأَ وَتُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أُمِّيًّا، وَإِنْ كَانَتْ صلاة جهر ولم يسمعه قَرَأَ فِيهَا وَلَا عَلِمَهُ قَارِئًا فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهَا، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُسِرًّا بِقِرَاءَتِهَا أَوْ نَاسِيًا لَهَا، وَعَلَيْهِ الإعادة بغلبة الحكم الظَّاهِرِ

فَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ قَدْ قَرَأْتُ سِرًّا فِي نَفْسِي وَصَدَّقَهُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ كَانَ أَوْلَى

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالِاخْتِيَارُ فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ فَصِيحَ اللِّسَانِ، حَسَنَ الْبَيَانِ، مرتلاً للقرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>