للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآخَرِ مُقَاسَمَةَ الشَّرِيكِ جَازَ ذَلِكَ وَصَحَّتِ الْقِسْمَةُ، سَوَاءٌ قَاسَمَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ قَاسَمَهُ بإذن الراهن.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ فِي أَنْ يَرْهَنَ عَبْدَهُ إِلَّا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ أَوْ أَجَلٍ مَعْلُومٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَوْفَيْنَا منصوصها، واستقصينا فروعها، فإذا استعار أرضا لرهنه جَازَ وَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجْرِيَ مَجْرَى الْعَارِيَةِ، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَعِيرَهُ لِيَرْهَنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَ الْحَقِّ وَوَصْفَهُ وَمُسْتَحَقَّهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَجْرِيَ مَجْرَى الضَّمَانِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ حَتَّى يَذْكُرَ قَدْرَ الْحَقِّ ووصفه ومستحقه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ رَهَنَهُ بِأَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ مِنَ الرَّهْنِ شيء ".

قال الماوردي: لأنا قد ذكرنا إِذَا أَذِنَ لَهُ مَالِكُ الْعَبْدِ أَنْ يَرْهَنَهُ بِمِائَةٍ، جَازَ أَنْ يَرْهَنَهُ بِالْمِائَةِ فَمَا دُونَ، فَإِنْ رَهَنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ كَانَ رَهْنُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ بَاطِلًا، وَفِي الْمِائَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ رَهَنَهُ بِمَا أَذِنَ لَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهُ بِافْتِكَاكِهِ وَكَانَ الْحَقُّ حَالًّا كَانَ ذَلِكَ له وتبع في ماله حتى يوفى الغريم حقه ولو لم يرد ذلك الغريم أسلم عبده المرهون وإن كان أذن له إلى أجل معلوم لم يكن له أن يأخذه بافتكاكه إلا إلى محله ".

قال الماوردي: قد ذكرنا أنه إذا رهن الْمُسْتَعِيرُ بِمَا أُذِنَ لَهُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِفِكَاكِهِ، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مُنْجَزًا فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْعَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَوَارِيَ مُسْتَرْجَعَةٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الضَّمَانِ، لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَحَلِّ، وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَا فِي فُصُولٍ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ، وَسَنَذْكُرُ فُصُولًا تَتَعَلَّقُ بها.

(فَصْلٌ)

إِذَا اسْتَعَارَ رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَرَهَنَاهُ عِنْدَ رَجُلٍ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، كَانَ نصفه

<<  <  ج: ص:  >  >>