للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ الْحُرَّةِ مَعَهُ قَبْلَ إِسْلَامِ الْإِمَاءِ يَجْرِي مَجْرَى يَسَارِهِ فِي تَحْرِيمِ الْإِمَاءِ فَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرْ يَسَارَهُ إِلَّا عِنْدَ إِسْلَامِ الْإِمَاءِ وَجَبَ أَنْ لَا يَعْتَبِرَ وُجُودَ الْحُرَّةِ إِلَّا عِنْدَ إِسْلَامِ الْإِمَاءِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُسْلِمَ الْإِمَاءُ قَبْلَ الْحُرَّةِ فَيُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ عِنْدَ إِسْلَامِهِنَّ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بَطَلَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ مَعَ إِسْلَامِهِنَّ وَاسْتَأْنَفْنَ عَدَدَ الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَخَافُ الْعَنَتَ كَانَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ مُعْتَبَرًا بِإِسْلَامِ الْحُرَّةِ وَهُوَ فِيهِنَّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ.

إِمَّا أَنْ يَتْرُكَهُنَّ عَلَى حَالِهِنَّ تَرَقُّبًا لِإِسْلَامِ الْحُرَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا اخْتَارَ مِنَ الْإِمَاءِ وَاحِدَةً وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي مِنْ وَقْتِ اخْتِيَارِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَتِ الْحُرَّةُ فِي عِدَّتِهَا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِهَا فَهَذَا أَحَدُ خِيَارَيْهِ.

وَالْخِيَارُ الثَّانِي: أَنْ يُمْسِكَ الزَّوْجُ مِنَ الْإِمَاءِ وَاحِدَةً يَتَرَقَّبُ بِهَا إِسْلَامَ الْحُرَّةِ وَيَفْسَخُ نِكَاحَ مَنْ سِوَاهَا مِنَ الْإِمَاءِ؛ ليتعجلن الْفَسْخَ إِذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدَةٍ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ انْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ عَدَا الْوَاحِدَةِ مِنْ وَقْتِ فسخهِ، وكان نكاح الواحدة معتبر بِإِسْلَامِ الْحُرَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي عِدَّتِهَا ثَبَتَ نِكَاحُهَا وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَطَلَ نِكَاحُهَا، وَثَبَتَ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَا يَكُونُ ثُبُوتُهُ بِاخْتِيَارٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَكِنْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ طَلَّقَ الْحُرَّةَ فِي الشِّرْكِ قَبْلَ إِسْلَامِهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ إِسْلَامُهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهَا وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ وَثَبَتَ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَإِنْ كَانَ إِسْلَامُهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ، وَانْفَسَخَ بِإِسْلَامِهَا نِكَاحُ الْأَمَةِ فَيَصِيرُ إِسْلَامُهَا وَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً مُوجِبًا لِفَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى زَوْجَةٍ، وَالْأَمَةُ لَا يَثْبُتُ اخْتِيَارُ نِكَاحِهَا مَعَ حُرَّةٍ هَذَا جَوَابُ أَصْحَابِنَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ معتبر بِزَمَانِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ إِسْلَامِ الْإِمَاءِ جَازَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّ الْحُرَّةَ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي عِدَّتِهَا فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا قَبْلَ إِسْلَامِ الْإِمَاءِ فَصِرْنَ عِنْدَ إِسْلَامِهِنَّ لَا حُرَّةَ مَعَهُنَّ، وَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْحُرَّةِ بَعْدَ إِسْلَامِ الْإِمَاءِ فَعَلَى مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا مِنِ اعْتِبَارِ إِسْلَامِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ بعدة فسواءٌ وَيَنْتَظِرُ إِسْلَامَ البواقي فمن اجْتَمَعَ إِسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ الزَّوْجِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِنَّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي حُرٍّ تَزَوَّجَ فِي الشِّرْكِ بِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ إِمَاءً لَا حُرَّةَ فِيهِنَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ، وَذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهِنَّ فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُسْلِمْنَ مَعَهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُسْلِمْنَ قَبْلَهُ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُسْلِمْنَ بعده.

والرابع: أن يسلم بعضهن قبله وبعضهم بعده وقد يجيء فيه قسمان آخران:

<<  <  ج: ص:  >  >>