للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَرِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا لَمْ يُقْبَضْ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَمَنَعَ مِنْ طَلَبِ الرِّبْحِ فِيهِ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ.

فَمَنَعَ مِنَ الْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ لِتَلَفِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَبَّهَ عَلَى حُكْمِ كُلِّ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَالدَّلِيلُ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى تَعْلِيلُ الشَّافِعِيِّ وَتَحْرِيرِهِ.

أَنَّهُ قَبْضٌ مُسْتَحَقٌّ بِعَقْدٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَوَاتُهُ مُبْطِلًا لِلْعَقْدِ كَالصَّرْفِ.

وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ تَلِفَ قبل القبض فوجب أن يكون مسقط لِلضَّمَانِ مُبْطِلًا لِلْعَقْدِ كَالْقَفِيزِ الْمَبِيعِ مِنَ الصُّبْرَةِ إِذَا تَلِفَ جَمِيعُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْخَرَاجَ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَهُمْ عَكَسُوا الْأَمْرَ فَجَعَلُوا الضَّمَانَ عَلَى مَنْ لَهُ الْخَرَاجُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقِيمَةِ وَالْخَرَاجُ لِلْمُشْتَرِي. فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ الْخَرَاجُ لِلْمُشْتَرِي فلم لا جاز أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَيَكُونُ الْخَرَاجُ لِلْمُشْتَرِي.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْمَقْبُوضِ فَالْمَعْنَى فِي الْمَقْبُوضِ اسْتِقْرَارُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُ الْمَقْبُوضِ.

وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِجَمْعِهِمْ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فَمُنْتَقِضٌ بِالْقَفِيزِ مِنَ الصُّبْرَةِ، ثُمَّ يُقَالُ: هُمَا سَوَاءٌ فِي أَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاللَّهُ أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِذَا اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ بِأَعْيَانِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>