للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ، طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَتَكُونُ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَلَى مُوجَبِ لَفْظِهِ، لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَصْحَابُنَا، فَتَكُونُ النَّاجِزَةُ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْوَاقِعَةِ بِالصِّفَةِ إِلَّا أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ تَقَعُ الْأُولَى بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَتَقَعُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيٍّ: تَقَعُ الْأُولَى مَعَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَتَقَعُ الثَّانِيَةُ مَعَ قَوْلِهِ: بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ، أَنَّنِي أَسْتَأْنِفُ إِيقَاعَهَا عَلَيْهَا مِنْ بَعْدِ لَفْظٍ مُسْتَجَدٍّ، وَلَمْ أُرِدْ إِيقَاعَهَا الْآنَ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ قُبِلَ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْحَال إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَكَانَ مُوعِدًا بِطَلْقَةٍ أُخْرَى، إِنْ أَوْقَعَهَا، وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَكْذَبَتْهُ الزَّوْجَةُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَلَزِمَتْهُ طَلْقَتَانِ، وَكَانَ مَدِينًا فِي الْبَاطِنِ لَا تَلْزَمُهُ إِلَّا وَاحِدَةٌ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ وَبَعْدَهَا وَاحِدَةٌ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا.

وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَ وَاحِدَةٍ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ وَبُعْدَهَا وَاحِدَةٌ، وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَ وَاحِدَةٍ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً مَعَ وَاحِدَةٍ طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَوْقَ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً تَحْتَ وَاحِدَةٍ طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ.

وَلَوْ قَالَ فِي الْإِقْرَارِ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الدَّرَاهِمَ تَتَفَاضَلُ، فَجَازَ أَنْ يُنْسَبَ فَوْقَ إِلَى الْجَوْدَةِ وَتَحْتَ إِلَى الرَّدَاءَةِ وَالطَّلَاقُ لَا يَتَفَاضَلُ، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يُنْسَبَ إِلَّا إِلَى الْوُقُوعِ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَإِنْ قَالَ رَأْسُكِ أَوْ شَعْرُكِ أَوْ يَدُكِ أَوْ رِجْلُكِ أَوْ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِكِ طَالِقٌ فَهِيَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ: إِذَا طَلَّقَ بَعْضَ بَدَنِهَا طَلَّقَ جَمِيعِهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَا طَلَّقَهُ مِنْهَا جُزْءًا شَائِعًا مُقَدَّرًا كَقَوْلِهِ: رُبُعُكِ طَالِقٌ، أَوْ نِصْفُكُ طَالِقٌ، أَوْ غَيْرَ مُقَدَّرٍ كَقَوْلِهِ جُزْءٌ مِنْكِ طَالِقٌ، أَوْ كَانَ عُضْوًا مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ: رَأْسُكِ طَالِقٌ، أَوْ يَدُكِ طَالِقٌ أَوْ شَعْرُكِ طَالِقٌ، أَوْ ظُفْرُكِ طَالِقٌ، وسواء كان العضو مما يعبر عن الجملة ولا يحيي كَالرَّأْسِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَبَّرُ بِهِ عن الجملة ويحيي بِفَقْدِهِ كَالْيَدِ وَالشَّعَرِ. أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي طَلَاقِ بَعْضِهَا، هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْرِي مِنْهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ ثُمَّ يَسْرِي مِنْهُ إِلَى جميعها.

والوجه الثاني: انه ينكمل فِي الْحَالِ ثُمَّ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِهَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ سَرَايَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>