للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ فِي الدِّينِ فَتَكُونُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ:

بِبُلُوغِهِ، وَعَقْلِهِ، وَإِسْلَامِهِ، وَحُرِّيَّتِهِ.

فَأَمَّا الْبُلُوغُ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَبَهْ حَالُهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ رَجُلًا مُشْتَدًّا فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ وَإِنِ اشْتَبَهَتْ حَالُهُ فِيهِ، لِكَوْنِهِ رَجُلًا، أَمْرَدَ، فَحَكَمَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِبُلُوغِهِ يَكُونُ مِنْ أَحَدِ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ شَوَاهِدُ الْبُلُوغِ بِالْإِثْبَاتِ، إِذَا جُعِلَ الْإِثْبَاتُ فِي الْمُسْلِمِ بُلُوغًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَعْرِفَ الْحَاكِمُ سِنَّهُ فَيَحْكُمَ بِبُلُوغِهِ إِذَا اسْتَكْمَلَ سِنَّ الْبُلُوغِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ بِبُلُوغِهِ شَاهِدَا عَدْلٍ فَيَحْكُمَ بِبُلُوغِهِ إِذَا اسْتَكْمَلَ سِنَّ الْبُلُوغِ فَتَكُونَ شَهَادَةً لَا خَبَرًا.

وَالرَّابِعُ: أن يقوم الْغُلَامُ: قَدْ بَلَغْتُ فَيُحْكَمَ بِبُلُوغِهِ فَتَكُونَ شَهَادَةٌ بِقَوْلِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَبْلُغُ بِالِاحْتِلَامِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَتَغَلَّظُ أَحْكَامُهُ بِتَوَجُّهِ التَّكْلِيفِ إِلَيْهِ فَكَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِيهِ.

وَأَمَّا الْعَقْلُ فَيُعْلَمُ مُشَاهَدَةً بِظُهُورِ نَتَائِجِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ إِنْ خَفِيَ لِإِمْكَانِ اخْتِبَارِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ.

حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً حَضَرَتْ عِنْدَ شُرَيْحٍ فِي مُحَاكَمَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا مَجْنُونَةٌ. فَقَالَ لَهَا مُخْتَبِرًا: أَيُّ رِجْلَيْكِ أَطْوَلُ؟

فَمَدَّتْهُمَا لِتُقَدِّرَهُمَا، فَصَرَفَهَا وَحَكَمَ بِعَقْلِهَا.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَيُعْلَمُ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُعْلَمَ إِسْلَامُ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ كِلَيْهِمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ فَيُحْكَمَ بِإِسْلَامِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَيُحْكَمَ بِإِسْلَامِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُرَى مُصَلِّيًا فِي مَسَاجِدِنَا عَلَى قَدِيمِ الْوَقْتِ وَحَدِيثِهِ فَيُحْكَمَ بِإِسْلَامِهِ بِظَاهِرِ الْحَالِ لَا بِالصَّلَاةِ لِأَنَّنَا لَا نَحْكُمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ إِذَا صَلَّى.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ إِنَّنِي مُسْلِمٌ فَيُحْكَمَ بِإِسْلَامِهِ. وَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى اخْتِبَارِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُخْتَبَرُ بِهِمَا لِأَنَّهُ أَحْوَطُ.

وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُ اخْتِبَارُهُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ لِجَرَيَانِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ إِنْ أَنْكَرَ فَإِنْ عَلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>