طَالِبِ الْمُسْلِمَةِ، لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ يَشْتَرِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَالنَّصَارَى وَالْمُسْلِمَةُ لَا يَشْتَرِيهَا إِلَّا الْمُسْلِمُونَ دُونَ النَّصَارَى فَإِذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَكَانَتْ مُسْلِمَةً كَانَ لَهُ الْخِيَارُ، لِأَنَّهَا أَقَلُّ طَلَبًا فَصَارَتْ أَقَلَّ ثَمَنًا، وَلَوِ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَكَانَتْ نَصْرَانِيَّةً فَلَهُ الْخِيَارُ لِنَقْصِهَا بِالدِّينِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ أَحْسَنُ مِنْهَا عِشْرَةً، وَأَكْثَرُ نَظَافَةً وَطَهَارَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ النِّكَاحُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْعِشْرَةُ وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ وَكَمَالُ الْمُتْعَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُسْلِمَةِ أَوْجَدُ مِنْهُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، فَافْتَرَقَ حُكْمُ البيع والنكاح بما ذكرناه.
فَصْلٌ
وَإِذَا تَزَوَّجَتْ مُسْلِمَةٌ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تزوجت بِغَيْرِ شَرْطٍ، لَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَا تَحِلُّ لِكَافِرٍ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ نَصْرَانِيَّةٌ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَفِي النِّكَاحِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.
وَالثَّانِي: جَائِزٌ وَلَهَا الْخِيَارُ قَوْلًا وَاحِدًا لِنُقْصَانِ دِينِهِ، وَأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ فِرَاقَهُ إِلَّا بِالْفَسْخِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ فَكَانَ مُسْلِمًا، فَفِي النِّكَاحِ قَوْلَانِ:
وَالثَّانِي: جَائِزٌ، وَلَهَا الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَفْضَلَ دِينًا، لِأَنَّهَا إِلَى مَنْ وَافَقَهَا فِي الدِّينِ أَرْغَبُ وَهِيَ مِمَّنْ خَالَفَهَا فِيهِ أنفر.
[فصل]
وإذا تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ امْرَأَةً بِغَيْرِ شَرْطٍ يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً فكانت نصرانية، فالنكاح جائز لا خِيَارَ لَهُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا يَظُنُّهَا حُرَّةً فَكَانَتْ أَمَةً فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ، وَفِي خِيَارِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ - لَا خِيَارَ لَهُ كَالنَّصْرَانِيَّةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ - لَهُ الْخِيَارُ.
وَالْفَرْقُ بينهما: أن ولي النصرانية متميز الهبة عَنْ وَلِيِّ الْمُسْلِمَةِ وَوَلِيَّ الْأَمَةِ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ وَلِيِّ الْحُرَّةِ وَلِأَنَّ وَلَدَهُ مِنَ الْأَمَةِ مَرْقُوقٌ وَمِنَ النَّصْرَانِيَّةِ مُسْلِمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute