اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْعَامِلُ شَرَطْتُمَا لِيَ النِّصْفَ وَلَكُمَا النَّصْفُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ كَانَ لَهُ مُقَاسَمَةُ الْمُقِرِّ فِي نِصْفِهِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَتَحَالَفَ هُوَ وَالْمُنْكِرُ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ في نصفه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي نَخْلٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَاقَيَا عَلَيْهَا رَجُلًا وَاحِدًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ أَثْمَرَتِ النَّخْلُ، فَادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُمَا سَاقَيَاهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ، فَإِنْ صَدَّقَاهُ سَلِمَ إِلَيْهِ النِّصْفُ، وَإِنْ كَذَّبَاهُ، وَقَالَا بَلْ سَاقَيْنَاكَ عَلَى الثُّلُثِ تَحَالَفَ الْعَامِلُ وَالشَّرِيكَانِ عَلَى مَا مَضَى ثُمَّ لَهُ عَلَيْهِمَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ.
وَلَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ كَانَ عَقْدُهُ مَعَ الْمُصَدِّقِ سَلِيمًا وَأَخَذَ النِّصْفَ مِنْ حِصَّتِهِ، وَكَانَ عَقْدُهُ مَعَ الْآخَرِ مُخْتَلِفًا فِيهِ، لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَتَمَيَّزُ حُكْمُهُمَا لِتَمَيُّزِ أَحْوَالِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُصَدِّقُ عَدْلًا جَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَرِيكِهِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ، لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّرِيكِ على شريكه مَقْبُولَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ مَعَهُ غَيْرُهُ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ الْعَامِلُ، فَيُحْكَمَ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّرِيكُ عَدْلًا تُحَالَفَ الْعَامِلُ وَالشَّرِيكُ الْمُكَذِّبُ، فَإِذَا حَلَفَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي حِصَّتِهِ، وَحُكِمَ لَهُ بِالنِّصْفِ من أجرة مثله.
[مسألة]
قال المزني رحمه الله تعالى: " وَلَوْ شَرَطَ مِنْ نَصِيبِ أَحَدَهِمَا بِعَيْنِهِ النَّصْفَ وَمِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ بِعَيْنِهِ الثُّلُثَ جَازَ وَإِنْ جَهِلَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَفُسِخَ فَإِنْ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَالثَّمَرُ لِرَبِّهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُسَاقِيَا رَجُلًا عَلَى عِوَضٍ مُتَسَاوٍ وَمُتَفَاضِلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَفَاضَلَ الْعِوَضَانِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا عَوَّضَ عَلَيْهِ مِنْ قَدْرٍ، فَإِنْ جُهِلَ بَطَلَ لِلْجَهَالَةِ بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ حِصَّتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute