للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

فَأَمَّا وَلَدُ الْمُعْتَقَةِ بِالصِّفَةِ كَقَوْلِهِ لِأَمَتِهِ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ. فَعَلَى الْأَضْرُبِ الثَّلَاثَةِ:

أَحَدُهَا: مَنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ عَقْدِ الصِّفَةِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ.

وَالثَّانِي: مَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَدُخُولِ الدَّارِ فَهُوَ حُرٌّ.

وَالثَّالِثُ: مَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ عَقْدِ الصِّفَةِ، وَقَبْلَ وُجُودِهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ كَوَلَدِ الْمُدَبَّرةِ سَوَاءٌ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ تَبَعًا لَهَا فِي الْعِتْقِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ.

وَالثَّانِي: لَا يَتْبَعُهَا وَيَكُونُ مَرْقُوقًا لِسَيِّدِهَا.

فَلَوْ قَالَ لَهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بَعْدَ سَنَةٍ، فَأَنْتِ حُرَّةٌ كان من ولدتهم قبل مضي السنة مماليكا، وَمَنْ وَلَدَتْهُمْ بَعْدَ دُخُولِ الدَّارِ أَحْرَارًا، وَمَنْ وَلَدَتْهُمْ بَعْدَ السَّنَةِ وَقَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَيَكُونُ مَنْ وَلَدَتْهُمْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ كَمَنْ وَلَدَتْهُمْ قَبْلَ عَقْدِ الصِّفَةِ لِأَنَّ صِفَةَ الْعِتْقِ دُخُولُ الدَّارِ بَعْدَ السَّنَةِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ حُرِّرَ حَمْلُهُ وَوِلَادَتُهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثلاث وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي بِسَنَةٍ، كَانَ مَنْ وَلَدَتْهُمْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ مماليكاً، وَمَنْ وَلَدَتْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَحْرَارًا. وَمَنْ وَلَدَتْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَسَوَّى بَيْنَ عَقْدِ الصِّفَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَعَقْدِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْتَقَهُمْ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفَرَّقَ بَيْنَ عَقْدِ الصِّفَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَعَقْدِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ: أَنَّهُ قَبْلَ الْمَوْتِ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِلْكًا وَبَعْدَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِلْكًا. فَإِنْ عَتَقَ الْوَلَدُ مَعَهَا كَانَا مُعْتَبَرَيْنِ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُعْتَقِ الْوَلَدُ مَعَهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مِنْ تَرِكَةِ السَّيِّدِ.

وَالثَّانِي: يَكُونُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَتْ وَلَدْتُهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَهِيَ الْمُدَّعِيَةُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا التَّنَازُعُ فِي الْوَلَدِ يَشْتمَلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَقُولَ الْمُدَبَّرةُ: وَلَدْتُهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَيُعْتَقُ بِعِتْقِي وَيَقُولُ الْوَرَثَةُ: وَلَدَتْهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ. فَإِنْ قِيلَ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرةِ لَا يَتْبَعُهَا، فَلَا تَأْثِيرَ لِهَذَا التَّنَازُعِ لِأَنَّهُ مَرْقُوقٌ فِي الْحَالَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>