للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ " وَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ لَتَحْفَظُ مَنْ وَرَاءَهُمْ، فَلِذَلِكَ مَا اخْتَرْنَا لِأَهْلِ النَّوَاحِي الْخِصْبَةِ أَنْ يَسْتَسْقُوا لِأَهْلِ النَّوَاحِي الْجَدْبَةِ، رَجَاءً لِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِمْ، ورفع الضرر عن أحوالهم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَسْتَسْقِي حَيْثُ لَا يُجَمَّعُ مِنْ بَادِيَةٍ وَقَرْيَةٍ ويفعله المسافرون لأنه سنة وليس بإحالة فرض ويفعلون ما يفعل أهل الأمصار من صلاة وخطبة ويجزئ أن يستسقي الإمام بغير صلاة وخلف صلواته ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَالْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، وَالْحَاضِرِ وَالْبَادِي، لِاشْتِرَاكِ جَمِيعِهِمْ فِي الْإِضْرَارِ بِامْتِنَاعِ الْقَطْرِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ، فَلَمْ يَخْتَصَّ بِذَلِكَ فَرِيقٌ دُونَ فَرِيقٍ، وَلَا مَكَانٌ دُونَ مَكَانٍ، فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ شُرَكَاءَ وَالْبِقَاعُ فِيهِ سَوَاءً، وَيُخْتَارُ لِلْإِمَامِ إِذَا رَأَى مِنَ النَّاسِ كَسَلًا وَافْتِرَاقًا وَقِلَّةَ رَغْبَةٍ فِي الْخُرُوجِ أَنْ يَخْرُجَ بِنَفْسِهِ فَيَسْتَسْقِي وَحْدَهُ، لِأَنَّ الْغَرَضَ فِيهِ الدُّعَاءُ وَالِابْتِهَالُ، فَلَوِ اسْتَسْقَى الْإِمَامُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَدُعَاءٍ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ أَجْزَأَهُ، قَدِ اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خُطْبَةِ الْجُمْعَةِ وَدَعَا فَسُقِيَ.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا كَانَ جَدْبٌ أَوْ قِلَّةُ مَاءٍ فِي نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ فِي حَاضِرٍ أَوْ بَادٍ لَمْ أُحِبَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَرَكَ السُّنَّةَ، فَجَعَلَ قِلَّةَ مَاءِ الْعَيْنِ وَالنَّهْرِ كَامْتِنَاعِ الْقَطْرِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ مَلُحَ الْمَاءُ فَمُنِعَ شُرْبُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ اسْتَسْقَى لِذَلِكَ كُلِّهِ، لِأَجْلِ الضَّرَرِ بِهِ وَخَوْفِ الْجَدْبِ مِنْهُ.

(فَصْلٌ)

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَإِذَا تَهَيَّأَ الْإِمَامُ لِلْخُرُوجِ فَمُطِرُوا مَطَرًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا أَحْبَبْتُ أَنْ يَمْضِيَ النَّاسُ حَتَّى يَشْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى سُقِيَاهُ، ويسألونه الزِّيَادَةَ مِنَ الْغَيْثِ لِسَائِرِ الْخَلْقِ، وَلَا يَتَخَلَّفُوا وَيُصَلُّوا كَمَا يُصَلُّونَ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَإِنْ كَانُوا يُمْطَرُونَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ بِهِمُ الْخُرُوجَ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ لِلِاسْتِسْقَاءِ إِنِ احْتَاجُوا إِلَى الزِّيَادَةِ، وَأَخَّرُوا الْخُرُوجَ لِلشُّكْرِ إِلَى أَنْ يُقْلِعَ الْمَطَرُ ".

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَإِنِ اسْتَسْقَى الْإِمَامُ فَسُقُوا لَمْ يَخْرُجُوا بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا اسْتَسْقَى وَأُجِيبُ لَمْ يَخْرُجْ ثَانِيًا.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَإِذَا خَافُوا الْغَرَقَ مِنْ سَيْلٍ أَوْ نَهْرٍ، أَوْ خَافُوا انْهِدَامَ الدُّورِ دَعَوُا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُفَّ الضَّرَرَ عَنْهُمْ، وَأَنْ يَصْرِفَ الْمَطَرَ عَمَّا يَضُرُّ إِلَى مَا يَنْفَعُ من رؤوس الجبال،

<<  <  ج: ص:  >  >>