فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤] . يَعْنِي فِي التَّزْوِيجِ، وَمَالِكٌ يَجْعَلُ الْجُنَاحَ عَلَيْهَا بَاقِيًا، وَلِأَنَّهَا قَدْ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ مِنَ الطَّلَاقِ تَارَةً وَفِي الْوَفَاةِ أُخْرَى، فَلَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي شُهُورِ الطَّلَاقِ غَيْرُهَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي شُهُورِ الْوَفَاةِ غَيْرُهَا، وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ تَكُونُ بِالشُّهُورِ تَارَةً وَبِالْأَقْرَاءِ أُخْرَى، فَلَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الشُّهُورِ الْأَقْرَاءُ لَمْ يُعْتَبَرِ الْحَيْضُ فِي الشُّهُورِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَلَمْ تَحِضْ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ إِلَّا حَيْضَةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ، كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا حَيْضَةً.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ تَأَخُّرَ حَيْضِهَا رِيبَةٌ.
قِيلَ: الرِّيبَةُ: إِنَّمَا تَكُونُ بِانْتِفَاخِ الْجَوْفِ وَدُرُورِ اللَّبَنِ وَالْإِحْسَاسِ بِالْحَرَكَةِ، وَلَيْسَ تَأَخُّرُ الْحَيْضِ رِيبَةً كَمَا لَا يَكُونُ تَأَخُّرُهَا عن كل شهر ريبة.
[(مسألة)]
قال الشافعي: " إِلَّا أَنَّهَا إِنِ ارْتَابَتِ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا مِنَ الرِّيبَةِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْمُرْتَابَةِ فِي الْمُطَلَّقَةِ، وَقَدْ أَعَادَهَا فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالرِّيبَةُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمَارَاتِ الْحَمْلِ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا فِي الرِّيبَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ تَحْدُثَ الرِّيبَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ العدة فَهِيَ بَاقِيَةٌ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ نَكَحَتْ قَبْلَ زَوَالِهَا بَطَلَ نِكَاحُهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ تَحْدُثَ الرِّيبَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عَدَّتِهَا وَبَعْدَ نِكَاحِهَا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَيُوقَفُ عَلَى مَا يَكُونُ فِي حَالِ الْحَمْلِ فَإِنِ انْفَشَّ ثَبَتَ النِّكَاحُ، وَإِنْ وَلَدَتْ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَهُوَ لَاحِقٌ بِالثَّانِي وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَهُوَ لَاحِقٌ بِالْأَوَّلِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَحْدُثَ الرِّيبَةُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ النِّكَاحِ فَفِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ - أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ يُوقَفُ عَلَى مَا تَبَيَّنَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ، وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ - أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشافعي: " وَلَوْ طَلَّقَهَا مَرِيضًا ثَلَاثًا فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَقَدْ قِيلَ لَا تَرِثُ مَبْتُوتَةً وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ فِي