وَالثَّانِي: الْبَهِيمَةُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ يُبَاعُ وَيُوهَبُ وَيُورَثُ وَهُوَ فِي الْقِيمَةِ مُلْحَقٌ بِأَحَدِ أَصْلَيْنِ:
فَلَمَّا أُلْحِقَ بِالْبَهِيمَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: إِذَا قَلَّتْ قِيمَتُهُ.
وَالثَّانِيَةُ: إِذَا ضُمِّنَ بِالْيَدِ.
وَالثَّالِثَةُ: إِذَا ضَمِنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالْعِتْقِ.
وَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِالْبَهِيمَةِ فِي الْحَالِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ إِذَا أَرَادَتْ قِيمَتُهُ فِي ضَمَانِهِ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُلْحَقَ بِالْبَهِيمَةِ فِي أَقَلِّهَا، وَيُلْحَقَ بِالْحُرِّ فِي أَكْثَرِهَا، وَلِأَنَّهُمْ لَا يُلْحِقُونَهُ بِالْحُرِّ فِي أَكْثَرِهَا حَتَّى يُنْقِصُوا مِنْ قِيمَتِهِ عَشَرَةً، فَلَمْ يَسْلَمْ لَهُمْ أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْحُرِّ، فَهُمْ لَا يُسَاوُونَهُ بِالْحُرِّ لِمَا يَعْتَبِرُونَهُ مِنْ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَهَذَا جَوَابٌ.
وَجَوَابٌ ثَانٍ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُلْحَقْ بِالْحُرِّ فِي ضَمَانِهِ بِالْيَدِ لَمْ يُلْحَقْ فِي ضَمَانِهِ بِالْجِنَايَةِ، وَلَمَّا امْتَنَعَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ إِذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ امْتَنَعَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ إِذَا زَادَتْ.
وَقِيَاسُهُمْ عَلَى ضَمَانِ أَطْرَافِهِ فَأَطْرَافُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِقِيمَتِهِ، وَقِيمَتُهُ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ، فَلَمْ تَتَقَدَّرْ بِهَا أَطْرَافُهُ، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّهُ ناقص بالرق فلم يساوي الْحُرَّ فِي دِيَتِهِ، فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَامِلًا فِي الْقِصَاصِ وَنَاقِصًا فِي الدِّيَةِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ نَقْصُهُ فِي ضَمَانِهِ بِالْيَدِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ فِي ضَمَانِهِ بِالْجِنَايَةِ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعَبْدَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدِّيَةِ، لَمْ يَخْلُ الضَّمَانُ أَنْ يَكُونَ نَفْسَهُ أَوْ لِمَا دُونَهَا فَإِنْ ضُمِنَتْ نَفْسُهُ اسْتَوَى ضَمَانُهَا بِالْيَدِ إِذَا غُصِبَ وَبِالْجِنَايَةِ إِذَا قُتِلَ، فَتَجِبُ فِيهِ جَمِيعُ قِيمَتِهِ مَا بَلَغَتْ لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي الْجِنَايَةِ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْقَتْلِ، وَتُعْتَبَرُ فِي الْيَدِ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ.
فَأَمَّا مَا دُونَ نَفْسِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ جُرْحًا لَا يَتَقَدَّرُ فِيهِ مِنَ الحُرِّ دِيَةٌ، فَتَجِبُ فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْيَدِ وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ طَرَفًا يَتَقَدَّرُ فِيهِ مِنَ الحُرِّ دِيَةٌ كَالْيَدِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا مِنَ الحُرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ.